مؤشرات النصر والهزيمة في حرب غزة
م. عبدالله الفاعوري
22-01-2024 09:53 AM
نأسف ونأسى ونحزن على ما تعرضت له غزة ولا زالت تتعرض من عدوان غاشم بغير رحمة ولا هوادة من قتل وترويع تستهدف تهجير أهل غزة وأهل الضفة الغربية بخرق واضح واعتداء فاحش موحش، لكننا نفخر بأبطال غزة عدا الصمود أمام استهداف مكونات الحياة ونفخر بأبطال المقاومة المشروعة الذين تصدوا لهذا العدوان وأفسدوا مخططاته وخربطوا حساباته وحسابات الداعمين له ليرسموا نموذجا من العزة والرفعة في العصر الحديث لكل دول المنطقة.
إننا اليوم وبعد مئة يوم ونيف على هذا العدوان الغاشم، نعاين اتساع رقعة خسائر الكيان؛ فمن الناحية الاقتصادية الجميع يعلم كمْ وصل حجم الخسائر المادية من خسائر على صعيد الحملة الإعلامية التي استهدفت تجيش العالم على إخواننا بغزة ولكنها فشلت وأصبحت الشعوب كلها تغضب لفظاعة هذا الكيان وعدوانه، إضافة إلى خسائر مادية عسكرية على صعيد المعدات والجرافات والدبابات المدمرة وكثرة القتلى أمام هذه المقاومة الباسلة التي تقاتل بشراسة منقطعة النظير.
كما أننا نشاهد اليوم تخبط أوراق الكيان الغاشم وداعميه فالولايات المتحدة الداعمة الأولى لهذا الكيان نجد تغير نظرتها للحرب على غزة فمن كانت أولى الداعمين وبشدة ها هي اليوم تتراجع وتعود لنقطة البداية المتمثلة بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية وكل ذلك بفعل التصدي الباسل، فلا يفل الحديد إلا الحديد الذي أطال أمد الصمود للوصول لمرحلة لن تستطيع الولايات المتحدة التفرغ للحروب الخارجية لانشغال أحزابها الحاكمة في انتخاباتها القريبة.
كما شاهدنا تصريحات الكثير من قادة دول الغرب ومنهم الرئيس الفرنسي ماكرون بأنه للقضاء على حماس يتطلب عشر سنين فأكثر، كل ذلك والداخل الإسرائيلي المتراشق من أجل استعادة الأسرى شكل أبعاد لهزيمة هذا الكيان في هذه الحرب وإبعاده عن تحقيق أهدافه وتنازله من هدف إلى هدف أسهل، منه فالبداية كانت القضاء على حماس ومن ثم انتقلت لهدف أسهل السعي لتهجير الفلسطينيين ثم ينتقل الآن إلى السعي لرد اعتبار السابع من أكتوبر مع استعادة الأسرى وهذا كله مؤشرات على الهزيمة.
ومن ذلك في الأردن ينبغي علينا التحصن والتمتين والتحضير والحساب للأسوء في رقعة الشرق أوسط الملتهبة الثائرة التي ما عرفت ولن تعرفا في وقت طعم الاستقرار، فينبغي علينا تطوير قدرات جيشنا الباسل وخاصة قدراته الدفاعية وكذلك السعي للوصول للأمن الغذائي المتكامل المتمثل بأن نمتلك قطاعا زراعيا قوي وكذلك يتطلب منا الاعتماد على الذات في كثير من الصناعات والوصول لمرحلة القدرة عن التخلي عن أي دعم أو إسناد خارجي وأن تكون تحالفاتنا الخارجية مبنية على سيادة مستقلة والبحث عن مصالح مع تعدد العلاقات وعدم الارتماء في مدرسة واحدة.
فاليوم لن يقلع شوكك غير يديك، وكذلك لن يحرث أرضك إلا أبناؤك، فحتى أدوات كيان الاحتلال ومحاكماته وإجراءاته اليوم لا يرتكن لها في الحصول على حقوق ومنافع، فالقوة اليوم الحرية الكاملة، والقوة اليوم التعاضد مع أهل المشتركات المتينة كاللغة والدين والعروبة والجوار، ولن يأكل الذئب إلا من الغنمة القاصية.