الأسبوع الماضي قرر الاتحاد الآسيوي لكرة القدم تغريم مهاجم منتخب الأردن محمود مرضي 1500 دولار بسبب رفعه شعارا سياسيا خلال مباراة منتخبنا ضد ماليزيا والتي أقيمت الاثنين الماضي، ضمن منافسات كأس آسيا المقامة في العاصمة القطرية الدوحة.
سبب العقوبة الآسيوية هي قيام اللاعب الأردني محمود مرضي الذي سجل ثنائية، عن شعار بعد تسجيله الهدف الأول في مرمى ماليزيا كتب فيه "هي قضية الشرفاء"، وهي إشارة لما يتعرض له قطاع غزة من ابادة جماعية على يد الهمجية الإسرائيلية المنفلتة من عقالها.
وجدت عقوبة الاتحاد الآسيوي نقدا من قبل ساسة ومتابعين ورياضيين ونقاد، أولئك وأنا شخصيا منهم ورغم ان العقوبة متواضعة لكنها جاءت بعيدا عن موقف شعوب العالم اجمع التي عبرت عنه الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبنت بأغلبية ساحقة قرارًا يدعو لـ"وقف إطلاق نار فوري في غزة"، وهو ما فشل في تحقيقه مجلس الأمن الدولي بعد فيتو أميركي، وهو الامر الذي كان يتوجب على الاتحاد الاسيوي لكرة القدم ان يدعمه ويؤيد ويساند رفع شعارات تدعو للتضامن مع شعب القطاع الذي قدم حتى الآن من يقرب من 24 ألف شهيد جلهم من الأطفال والنساء وبعضهم رياضيون.
للتذكير فقد صوّتت الهيئة التي تضم جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وعددها 193، بأغلبية 153 صوتًا لصالح قرار وقف الحرب، أي ان أكثر من عدد الدول التي تؤيد عادة القرارات التي تدين روسيا بسبب هجومها على أوكرانيا (نحو 140 دولة)، وصوتت عشر دول من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد القرار، بينما امتنعت 23 دولة عن التصويت، أي ان الاتحاد الاسيوي والذي تعتبر فلسطين احد اعضائه كان يتوجب عليه المساندة والدعم وليس إيقاع العقوبة على من يدعم ويساند ويرفض القتل والابادة الجماعية.
وللتذكير أيضا فقد كان الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) والاتحاد الأوروبي لكرة القدم اعلنا ابان الحرب الروسية - الأوكرانية عن إيقاف منتخب وأندية الاتحاد الروسي من جميع المسابقات الكروية حتى إشعار آخر بسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا، واصدر الفيفا بيانا رسميا برر فيه موقفه، واتخذت الدوريات الأوروبية شعارات مساندة لأوكرانيا.
المفارقة التي تعبر عن اختلاف المعايير والكيل بأكثر من مكيال ان ما حصل مع منتخب وأندية روسيا لم ينسحب على الاحتلال الاسرائيلي التي لم يعلن اي اتحاد قاري وقف نشاطه وكذلك لم تعلن (الفيفا) إيقاف لاعبيه رغم ان عدد الدول التي تدين إسرائيل في الهيئة العمومية للأمم المتحدة اكثر بكثير من تلك التي ادانت روسيا.
الاتحاد الأردني لكرة القدم التقط ازدواجية المعايير تلك وتنبه مبكرا لذلك، وطالب في بيان أصدره قبل اشهر اي قبل إيقاع العقوبة على اللاعب مرضي بكثير، بأن يتخذ المجتمع الرياضي الدولي بكافة مؤسساته وهيئاته موقفًا واضحًا وصريحًا، يجسد من خلاله دوره المؤثر ورسالته النبيلة، لحماية المدنيين والأبرياء، ووقف العدوان الوحشي والانتهاكات اللاإنسانية في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، وشدد على أهمية عزل كامل وفوري لـ"الاتحادات الرياضية في إسرائيل"، وذلك لحين انصياع الاحتلال للمطالبات الدولية، بوقف الاعتداءات والجرائم البشعة بحق الأطفال والنساء والمدنيين العزل.
نعم ففي قطاع غزة والضفة الغربية المعاد احتلالها أدى التجاهل الصارخ للقوانين الأخلاقية والإنسانية لتحويل مرافق كرة القدم لمواقع للأذى والإذلال والإساءة للمدنيين والأطفال الأبرياء، وجرّده من غرضه الأساسي كمساحات للفرح والتواصل بين الشعوب.
موقف الاتحاد الأردني بمطالبته تلك استند لمواقف سابقة للاتحادات واللجان الرياضية الدولية والقارية، بمختلف مؤسساتها وهيئاتها، والتي سارعت دومًا لاتخاذ مواقف حاسمة غير مترددة، لنبذ العنف والظلم والتمييز العنصري، ومجابهته بكافة أشكاله، ونصرة الإنسانية والقضايا المجتمعية، وحماية المعتقدات والأقليات.
رغم هذا الصمت الكروي فإن فلسطين ستبقى فعلا قضية الشرفاء، وسيبقى الاتحاد الدولي لكرة القدم والاتحادات القارية يعانون من ازدواجية معايير قاتلة ستخرجهم من دورهم الإنساني وتضعهم في صف آخر، وستبقى عقوبة اللاعب مرضي فخر له وللمنتخب الوطني الذي عبر عن موقف الشعب والدولة الأردنية مما يجري في القطاع والضفة الغربية.
الغد