مسرحية حل الدولتين بين التهجير والتدمير والإبادة الجماعية للفلسطينيين
السفير الدكتور موفق العجلوني
21-01-2024 12:06 PM
تناولت وسائل الصحافة والاعلام ان الرئيس الأميركي جو بايدن قد ابلغ رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، في اتصال هاتفي أنه ما زال يدعم إقامة "دولة فلسطينية "، حسب ما أعلن البيت الأبيض في ظل توترات بين نتنياهو و بايدن بشأن هذه القضية.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي للصحافيين: "ما زال الرئيس يؤمن بأفق وإمكان حل الدولتين. وهو يدرك أن الأمر سيتطلب كثيراً من العمل الشاق " ورحب بايدن بقرار إسرائيل السماح بدخول شحنة طحين إلى قطاع غزة !!!. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي إن بلاده تدعم الهدن الإنسانية، لكنها تعتقد أن وقف إطلاق النار في غزة سيفيد حركة المقاومة الإسلامية حماس، وأوضح كيربي " ندعم الهدنة الإنسانية، من اجل إخراج الرهائن وإدخال مزيد من المساعدات، لكننا لا ندعم وقف إطلاق النار في هذا الوقت.
وأعرب البيت الأبيض، عن قلقه البالغ إزاء تقارير عن مقتل فتى فلسطيني يحمل الجنسية الأميركية بنيران إسرائيلية في شرق رام الله بالضفة الغربية المحتلة.
سأتوقف عند هذه النقاط و أقول للإدارة الأميركية " على هامان يا فرعون "، هذه النقاط برأي الشخصي تعبر ان الإدارة الأميركية فقدت عقلها وفقدت احساسها ونسيت انها الشريك الأول في الاعتداء الوحشي البربري على الفلسطينيين. كيف لا و هي تزود إسرائيل بكل أنواع الأسلحة المدمرة، بنفس الوقت تؤمن بأرسال شحنة (واحدة) من الطحين لقطاع غزة، بينما لا تؤمن بإيقاف اطلاق النار، و تؤمن بأرسال الأسلحة الفتاكة لإسرائيل لتدمر الأطفال والنساء والشيوخ والمرافق الحيوية في قطاع غزة . وتدعم الهدنة الإنسانية لمحاولة إخراج الرهائن، لكنها لا تدعم وقف إطلاق النار في هذا الوقت...!!! " شر البلية ما يضحك ". بنفس الوقت فهي حزينة على مقتل فلسطيني يحمل الجنسية الأميركية، أما قتل وتدمير عشرات الالاف و مئات الالاف من الجرحى والمصابين والمفقودين بوحشية الاحتلال الإسرائيلي بقذائف و عتاد أميركي وبتوشيح الرئيس بايدن شخصياً على هذه الصفقات، فهذا مبرر للإدارة الأميركية .
نعم هذه هي شريعة الغاب الأميركية الصهيونية، يبدو ان الإدارة الأميركية تعتقد ان الفلسطينيين هم هنود حمر ... يجب القضاء عليهم ... هذا هو الواقع. باعتقادي ان على الولايات المتحدة ان تأخد الدروس والعبر من جنوب افريقيا و من دروسها في فيتنام و الصومال و أفغانستان والعراق ، فهي كفيلة بإقامة السلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الاوسط.
بالمقابل ، تخرج علينا الادارة الأميركية بيهوديتها و صهيونيتها ممثلة بالرئيس بايدن والوزير بلينكن بتصريحات انها تؤمن بحل الدولتين و أسلحتها الفتاكة تقطع احشاء أطفال و نساء و شيوخ آهل غزه و تدمر منازلهم و كل الأماكن الحيوية في غزة ، تشن حرب إبادة جماعية . تطلق الإدارة الأميركية مبادرات دون رسم خطة عملية على ارض الواقع عف عليها الزمن: حل الدولتين ( حبر على ورق منذ عام ١٩٤٨ ) و خاصة بوجود اكثر من ٧٠٠ الف مستوطن في الضفة الغربية . حقيقة ان الحل العادل للقضية الفلسطينية في ضوء التعنت الإسرائيلي المدعوم امريكياً هو حل العودتين، فاليعد المحتلين والمستوطنين اليهود الى بلدانهم الاصلية التي جأؤا منها وعلى رأسها الولايات المتحدة وأوروبا ودول الاتحاد السوفيتي سابقاً، وليعد الفلسطينيون الى أراضيهم التي سلبت واحتلت منذ ما قبل عام ١٩٤٨ (بمؤامرة عصابة مؤتمر كامبل ١٩٠٥) وبمساعدة الانتداب البريطاني، ولاحقاً التبني الأميركي للشتات اليهودي وتجميعهم في فلسطين.
العالم صاحب الضمير يدرك ان فلسطين من البحر الى النهر للفلسطينيين.. ولكن هذه هي شريعة الغاب للدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وخادمها الأمين إسرائيل في تنفيذ مصالحها على حساب الشعوب الأخرى.
الولايات المتحدة الأميركية بعد ٧ أكتوبر فقدت هيبتها امام العالم كدولة عظمى و دولة ديمقراطية ووسيط نزيه، و حليف امين و صادق ووفي، حيث جرها خلفه نتنياهو، وها هو يضعها في ورطة عالمية ، اذا استمر تحكم نتنياهو بالولايات المتحدة الأميركية سيجر الولايات المتحدة الأميركية الى كارثة عالمية سيكون اول ضحاياها الولايات المتحدة الأميركية . و هذا ما تنتظره دول كبرى منافسة للولايات المتحدة ...!!! .
حان الوقت ان تصحوا الولايات المتحدة من سباتها والهرولة وراء نتنياهو، وان تعود الإدارة الأميركية الى رشدها وان تكون شريك نزيه في بناء السلام المبني على الحق والعدل، وان تعيش المنطقة بسلام وامن وازدهار، استناداً الى قرارات الامم المتحدة والشرعية الدولية بعيداً عن الفيتو الأميركي من اجل الدفاع عن الجرائم الإسرائيلية، واستمرار إطلاق النار في قطاع غزة الذي أصبح معروفاً في الأمم المتحدة ومجلس الامن والعالم الحر.
يكفي تلاعب الولايات بالقضية الفلسطينية والوقوف الى جانب الزيف الاسرائيلي واللهاث وراء الصهيونية العالمية من اجل كسب أصوات اللوبي الصهيوني في الانتخابات الرئاسية على حساب عشرات الالاف من القتلى والمهجرين الفلسطينيين.
ألا تعلم الإدارة الأميركية ان الفلسطينيين هو عرب و هم مسلمون ، و هل تعلم ان حلفاء اميركا هم العرب و المسلمين ، لماذا كل هذا الجحود ببيع الفلسطينيين والعرب مقابل هؤلاء المحتلين الصهاينة الذين جاء بهم الغرب من الشتات ليتخلص منهم و يذرعهم في فلسطين و يطرد أصحاب الأرض الفلسطينيين ، لا بل يحاول بشتى أنواع الدمار التخلص منهم.
لقد فقدت الإدارة الأميركية عقلها و ضميرها ووجدانها وأصبحت هي العدو الأول للفلسطينيين والعرب والمسلمين بوقوفها الظالم مع الكيان المحتل، الا تعي ان مصلحتها الأولى مع العالم العربي و الإسلامي، لماذا تضحي بهذه العلاقة من اجل إسرائيل ...هل لديها عقل، هل لديها مفكرين، فقد أسلحة الدمار الشامل تفتك بالفلسطينيين من اجل فقط المحافظة على نتنياهو الذي يسعى بكل الوسائل لتوريط الإدارة الأميركية بحرب مدمرة واغلاق الممرات المائية الدولية و خلق مجاعة وانتشار الأوبئة ، فقد لارضاء ذلك الصهيوني القذر المجرم نتنياهو .
اذا فعلاً عادت الإدارة الأميركية الى عقلها و رشدها. يجب ان يتوقف إطلاق النهار فوراً وتخرج اسرائيل من قطاع غزة والضفة الغربية بما فيهم المستوطنين وإزالة المستوطنات اليهودية ، وان تبدأ مسيرة السلام بمشاركة الأمم المتحدة كشريك في تحقيق إقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية و قطاع غزة) ما قبل الرابع من حزيران عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية. وان تتحمل الولايات المتحدة وإسرائيل بناء ما دمرته في قطاع غزة والضفة الغربية و تعويض الفلسطينيين عن كل الخسائر، وازالة كافة المستوطنات الإسرائيلية والمستوطنين من الضفة الغربية ، وإعادة الحقوق للشعب الفلسطيني .
وإلا مهما طال الزمن، اذا غاب حل الدولتين ( و الذي اراه عبارة عن ذر الرماد في العيون ) فالحل الوحيد هو حل العودتين، يعود اليهود الى بلدانهم الاصلية و يعود كافة الفلسطينيين الى فلسطين من البحر الى النهر . وهنا يكون الحل العادل للقضية الفلسطينية ويعم الامن والأمان والسلام والتقدم والازدهار في الشرق الأوسط، وينعكس هذا على العالم باسره.
أيها القادة في الولايات المتحدة الأميركية في البيت الأبيض و الكونغرس ووزارة الدفاع و الخارجية و السي أي ايه ، نحن في الأردن حلفاءكم في المنطقة والاقرب الى فلسطين و إسرائيل ، نصيحة من القلب من اجل السلام للفلسطينيين و الإسرائيليين ، ها هو رأس الحكمة والعقلانية ، رجل السلام في الشرق الأوسط والعالم ، والذي يتمتع بالاحترام والتقدير من الرئاسة الأميركية الحالية والرئاسات السابقة و كافة رؤوسا العالم و القيادات السياسية ، جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين ، انصتوا لجلالته واستمعوا له جيداً و سيروا على خطواته و خذوا براية ، فهذا الطريق هو الحل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة .
* السفير الدكتور موفق العجلوني/ المدير العام مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية .