أصدق واحر التعازي للأخوة والاصدقاء ابناء قبيلة الحويطات والى عشيرة الجازي خاصة وال الجذوان في الجنوب بوفاة الشيخ صالح الجذوان الجازي " راعي الجذوى" الذي كان خير خلف لوالده المرحوم الشيخ عفاش وابقى على سيرته العطرة .

الراحل الكبير هو النجل الاكبر للشيخ المرحوم عفاش الجذوان احد أبرز رجالات الاردن في النصف الأول وحتى نهايات القرن الماضي ..

لقد كان الشيخ عفاش الجذوان واحدا من أبرز رجالات وفرسان قبيلة الحويطات الذين تربوا على الفروسية وامتلكوا الحكمة وعرفوا فنون قيادة الناس وكسب احترامهم، حيث ذاع صيته بين قبائل المشرق العربي وشهد لهم تاريخ البلاد، وقد كان يرحمه الله صاحب مهابة وله صولات وجولات يشهد لها كل من عرفه او سمع به في بلادنا وفي العراق والجزيرة العربية.. وقد ذكره الجنرال كلوب في أوراقه كأحد اشجع وأقوى الشخصيات التي امتد نشاطها وصيتها الى خارج حدود منازل الحويطات وصولا الى نجد والبصرة وبعض ارجاء المناطق العربية في ثلاثينيات القرن الماضي.

لقد كنت محظوظا بأن تعرفت على الشيخ ابو صالح في ستينيات القرن الماضي، فقد كان صديقا لوالدي المرحوم عبداللطيف ابو عقلة الربيحات حيث زارنا مرارا وحظي بحب واحترام وتقدير عشائر الثوابية والطفيلة عامة وجمعته علاقة طيبة مع اخوال والدي من ابناء عشيرة الحراسيس الذين كانوا يسعدوا بتشريفه، ونسعد نحن اليافعين بالوقوف متهيئين في المجالس التي تلتئم في كل مرة تحظى بلدتنا او حي الطفايلة بزيارة من الشيخ المهيب.

لقد اظفى الشيخ عفاش الجذوان ومن عاصره من رجالات البادية والريف الاردن الكثير من الوقار والمهابة على فضائنا الاردني فكان لهم قول يحترم ورأي يعتد به واحكام لا ترد او تخالف فشكلوا لجيلنا القدوة التي نعتز بقيمها وشمائلها، فأصبحت مواقفهم واقوالهم معالم نسترشد بها ونذكرها بخير كلما ألمت بنا الشدائد او احسسنا بوقع الظلم والتعدي فنترحم على أرواحهم ونستدعي الشذرات التي نعرفها عن سيرهم وفضائلهم..

في بلادنا التي يعتقد البعض انها قطعت شوطا طويلا في البناء والتأسيس وصفة جميلة صاغها البناة الأوائل ممن اعطوا لوطنهم واهلهم بعيدا عن اضواء الكاميرات واشادات جيوش الكتاب، فهؤلاء الرجال قدموا دون أن ينتظروا من يقدم لهم الشكر او يثني على انجازاتهم التي كان دافعها الحب ووقودها العزيمة وضوابطها القيم التي لا تتبدل مهما تبدلت الأيام.

في الاردن لا اظن ان بمقدور احد منا ان يفهم اركولوجية العقل الاردني ولا أوجه الشخصية الاردنية دون الامعان في سير ومزايا البناة الأوائل الذين ارسوا قواعد واسس ما نترحم عليه اليوم ..

فتحية حب وتقدير للالاف من البناة الاوائل الذين تتجدد ذكراهم عند كل منعطف من المنعطفات وكل ملمة من الملمات التي تعرف بامتنا فلمثل هؤلاء الرجال الذين خدموا بلدهم حبا وطواعية وخارج أطر المؤسسات الرسمية او المواقع التي يكلفون بها ..

نعم .. لقد نجحت هذه الارض في انبات ورعاية الالاف من هؤلاء الذين رسموا بصماتهم على قلوب ووجدان وذاكرة القبائل والعشائر الاردنية في مختلف ارجاء البلاد، فكان كل واحد منهم بحجم الوطن لأنهم لا يجاملون في الحق ولا يسعون لإرضاء جائر فلا يهابون الموت ولا يخفرون ذمة او يخذلوا مستجير.

الرحمة لروحك يا ابو الشايش .. والعزاء لاسرتك واقاربك وللحويطات وكل اصدقاءك من شيوخ العشائر وأبناء الاردن والجنوب الصابر، وانا لله وانا اليه راجعون..