اليوم التالي للحرب على غزة
كمال زكارنة
19-01-2024 11:22 AM
لا تكاد تخلو نشرة اخبارية اذاعية او تلفزيونية او تقرير صحفي ،ذات صلة بالحرب على غزة،من مصطلح "اليوم التالي للحرب".
ماذا تعني هذه الكلمات الثلاث ،التي تبدو سهلة وبسيطة،ولماذا يرفض نتنياهو مناقشة او بحث اليوم التالي للحرب،رغم الحاح الادارة الامريكية والدول الاوروبية والقيادات السياسية والعسكرية ووزراء وحتى الجنود الاسرائليين والقوى السياسية في المجتمع الاسرائيلي ،على معرفة اليوم التالي للحرب على غزة،ومطالبة نتنياهو باستمرار ببحث ومناقشة ذلك اليوم.
اليوم التالي للحرب على غزة،يدفن بداخله المعنى والوجه الحقيقي لحرب الوجود الدائرة حاليا في فلسطين ،والتي بلغت ذروتها في السابع من اكتوبر الماضي وما تزال مستمرة ،ويخفي في باطنه المشروع الصهيوني في فلسطين التاريخية ،ويعني في الاساس ،كيف سيكون الوضع السياسي والسيادي في فلسطين بعد انتهاء الحرب على غزة،بمعنى اي سيناريو سياسي وسيادي سيتم تطبيقه في فلسطين بعد انتهاء هذه الحرب.
أما اسباب رفض نتنياهو بحث ومناقشة هذا اليوم ،فهي ان نتنياهو لا يعترف بالاراضي الفلسطينية انها محتلة ،ولا يعترف بحقوق فلسطينية ولا بوطن فلسطيني ولا دولة فلسطينية ولا سلطة فلسطينية ولا هوية فلسطينية ولا كيان فلسطيني ،ولا بالشعب الفلسطيني، ويعتبر الفلسطينيين اقلية وجالية موجودة مؤقتا في ارض يهودا والسامرة،ارض الميعاد ارض اسرائيل ارض التوراة ،وسوف يرحلون منها ويهجرون، ويعمل على اقامة الدولة اليهودية احادية القومية النظيفة من العرب والفلسطينيين،في فلسطين التاريخية ،ومن ثم التوسع لاقامة مملكة يهودا التي ستجتاح دولا في المنطقة ،وتقتطع مساحات كبيرة من دول اخرى.
اليهود الصهاينة وضعوا نظرياتهم الايدليوجية ومشاريعهم الاستراتيجية على هذا الاساس ،ويعملون على تنفيذها مستغلين الظروف والاوقات المناسبة لهم ،والتي تخدم مخططاتهم ومشاريعهم .
نتنياهو وزمرته الفاشية ،لا تعنيهم خسائر الجيش الاسرائيلي بالارواح والمعدات، ولا يعنيهم قتل الاسرى الاسرائيليين وموتهم ،وعودتهم جثثا هامدة او احياء،او التفاوض على جثثهم ،وكل ما يهمهم تحقيق الحلم الصهيوني بانجاز مشروعهم التاريخي في فلسطين والمنطقة بمساعدة امريكا واوروبا.
الحرص الامريكي والاوروبي على اسرائيل وقوتها واستمرار وجودها وتفوقها يشبه الخيال،فقد نشر موقع "ذا انترسبت" الامريكي المعروف ،ان الولايات المتحدة قامت في العام 1979 ،بحفر ستة انفاق عملاقة في اسرائيل،اثنان على حدود لبنان،واربعة في الغرب والشرق والجنوب،تبتلع هذه الانفاق الستة الضخمة في باطنها ،كميات هائلة من الاسلحة الحديثة المتطورة جدا،تشمل صواريخ عابرة للقارات وطائرات مقاتلة من جميع الانواع ودبابات وذخائر وغيرها الكثير،ومستشفيات، ومجهزة بكل ما تقتضيه ظروف الحرب ،ومحصنة ضد الاسلحة النووية ،ويتم استبدال الاسلحة المخزنة فيها دوريا باسلحة احدث منها ،وهي معدة للتصدي للاتحاد السوفييتي السابق ،وايران وربما تركيا ،واي دولة او اكثر تفكر بمهاجمة اسرائيل ويمكن ان تتغلب عليها.
من هنا نلاحظ الفرق في عمق الثقة والتحالفات بين الولايات المتحدة واسرائيل من جهة ،وبين الولايات المتحدة والدول العربية من جهة اخرى.
المنطقة اليوم امام مشهد خطير ومعقد تظهر تفاصيله تدريجيا ،بدأ ياخذ شكل الحسم للصراع العربي والفلسطيني الاسرائيلي ،بدلا من ادارة الصراع.