إنه لا يمتّ إلى الحوار بأي صلة عندما يصرُّ أحد الأطراف الذاهبة إلى التحاور على شروط مسبقة وعلى أنه للذهاب إلى هذا الحوار لابد أن تقدم الجهة المعنية ,وهي الحكومة, تنازلات من بينها أن تقبل بحلّ نفسها وأن تحل البرلمان وأن تطال التعديلات المطلوبة ليس فقط قانون الانتخابات وقانون الأحزاب وإنما مواد أساسية في الدستور الأردني تتعلق بصيغة الحكم فهذا إملاءٌ لا يمكن القبول به وبخاصة وأنه بإمكان الإخوان المسلمين ترك كل هذه الأمور إلى طاولة المفاوضات على اعتبار أنها لا تعنيهم وحدهم وإنما تعني الشعب الأردني بأسره.
لماذا تكون هناك لجنة للحوار إذا كان على الجهة المعنية ,وهي الحكومة, أن تسلَّم بشروط الإخوان المسلمين المسبقة..؟ ثم لماذا يكون هناك حوار تشارك فيه كل الأحزاب الأردنية وكل منظمات وقوى المجتمع المدني إذا كان هناك طرف قد حصل مسبقاً على كل ما سيدور حوله الحوار بين كل هذه الأطراف و الحكومة..؟!
إنه على «الإخوان» ,إن هم يريدون إصلاحاً حقيقياً بحاجته بلدنا وبقي جلالة الملك ينادي به ويدفع الحكومات المتعاقبة في اتجاهه دفعاً على مدى عقد السنوات الماضية, أن يتجنبوا هذا الأسلوب الذي لا يمكن أن يقبل به الشعب الأردني بغالبيته حتى وإن قبلت به هذه الحكومة ,وهي لا يمكن أن تقبل به, لأن «الإذعان» في مثل هذه الحالة يبدأ بخطوة واحدة ثم «تكرّ السبحة» بعد ذلك ويرتقي أصحاب الشروط المسبقة بشروطهم وعندها فإن لغة التفاهم ستنعدم نهائياً لتحل محلها لغة لا يتمناها ولا يريدها لهذا البلد وأهله إلاّ من لا تربطه بالأردن أي صلة ومن يقوم بما يقوم به استجابة لحسابات خارجية.
إن الحوار يقتضي حسن النوايا قبل أي شيء ويقتضي عدم اللجوء إلى التصعيد والى الشروط المسبقة قبل الذهاب إلى طاولة المفاوضات فهذه أملاءات مرفوضة وكان على الإخوان المسلمين ألاّ يعطوا هذه المفاوضات طابع وكأنها بين مغلوب وغالب وبين مهزوم ومنتصر فالمفترض أن يكون الهدف هو مصلحة الأردن ومصلحة الأردن تقتضي تنازلات متبادلة ليس في الثوابت والأساسيات وإنما في القضايا التي تسهل عملية الإصلاح وتفتح الطريق أمامها وذلك لأن الأردنيين يرفضون التفريط بأي من ثوابتهم وهم يتمسكون بأساسياتهم التي هي الروافع التي تستند إليها دولتهم .
وهنا فإن ما نرجوه هو أن هذا الموقف ليس له صلة بما هدد به ذلك الذي قاد تظاهرة الزرقاء «المايكروسكوبية» وليس المليونية ,يوم الجمعة الماضي, والذي هدد باللجوء إلى العصيان المدني إذا لم تذعن الحكومة لشروط الإخوان المسلمين المسبقة المرفوضة فهذه في الحقيقة هي أم الموبقات وهذا كلام لا يجوز أن يقال على الإطلاق وبخاصة إذا كان الهدف حقّاً هو الإصلاح وإلاّ فإن دعوة الإصلاح من قبل هؤلاء هي فعلاً مجرد كلام حق يراد به باطل!!.
الرأي