في الوقت الذي يستعد فيه رئيس لجنة الامن الداخلي في الكونغرس الاميركي النائب الجمهوري بيتر كينغ من نيويورك، لعقد جلسة استماع صباح الخميس العاشر من آذار الجاري لبحث ومناقشة "دور الدين في التحريض على التطرف" في الولايات المتحدة، تستعد مجموعات تمثل شرائح مختلفة للاميركيين المسلمين لتنظيم احتجاجات لشجب مثل هذه المبادرات التي كما قالوا تعزز النظرة السلبية في المجتمع الاميركي تجاه الاسلام والمسلمين، ومن شأنها ضعضعة الثقة بشريحة هامة من شرائح المجتمع الاميركي.

ويعزو عضو الكونغرس النائب كينغ اسباب عقد جلسة الاستماع يوم الخميس، الى زيادة حجم تهديدات المتطرفين الشباب، وعدم تعاون الجاليات الاميركية الاسلامية مع الاجهزة الامنية الاميركية لوقف محاولات القاعدة الوصول الى الشبيبة المسلمين الاميركيين وتغذية مبادئ التطرف في قلوبهم وعقولهم. الا ان كينغ يعترف بان الاغلبية العظمى من المسلمين الاميركيين مواطنون مسالمون مضيفا ان هذه المرحلة الدقيقة تتطلب التعاون وزيادة الحذر. وان التهديد قائم بيننا.... والخطر قادم.

ويعلق رئيس اللجنة الاميركية العربية لمكافحة التمييز عماد حمد على دعوة النائب الاميركي بقوله ان كينغ يعود لبحث واحياء شبح الشك في المجتمع والصاق تهمة الارهاب من جديد ضد العرب والمسلمين الاميركيين.
الرئيس باراك اوباما اوفد مبعوثا خاصا هو "دنيس مكدونا" مساعد المستشار الخاص للامن القومي، الى احد مساجد ولاية فرجينيا الاحد الماضي لبحث ومناقشة استراتيجية اعدتها الادارة الاميركية لمنع تفاقم حالات التطرف في المجتمع الاميركي.
مبعوث اوباما اكد للمصلين في المسجد ان الادارة الاميركية لا يمكن لها وصم الجالية الاسلامية بالارهاب بسبب افعال قلة قليلة من افرادها، مذكرا ان التطرف والعنف ليسا حصرا على دين معين، غير ان مسؤوليتنا تكمن في التصدي للعنف والارهاب ومحاربة الجهل.
في رده على سؤال احد الصحافيين في مؤتمر صحافي عقده يوم اول امس في العاصمة واشنطن، "لماذا لا تطال تحقيقاته جاليات اخرى في المجتمع الاميركي؟". اجاب كينغ ان القاعدة تحاول زرع التطرف بين افراد الجالية المسلمة في اميركا، وعليه فان منبع التهديد هو مجتمع الجاليات الاميركية المسلمة. واورد كينغ مثالا على قوة تأثير القاعدة في مجتمع الجاليات الاسلامية الاميركية ماقام به الميجر نضال حسن عام الفين وتسعة في تكساس، وفيصل شاهزاد الذي اعترف بمحاولة تفجير احدى ساحات نيويورك.
وبالرغم مما اثير حولها من شكوك واتهامات فان جلسة الخميس الموجهة لبحث ومعرفة دور الدين في التحريض على التطرف الا ان باطنها سيكون بمثابة تصفية حسابات بين الجمهوريين والديمقراطيين. وسيشارك في الجلسة شهود من بينهم عضو مجلس النواب الاميركي كيث اليسون اول مسلم ينتخب لعضوية الكونغرس المعارض اصلا لافكار وطروحات النائب كينغ، والنائب فرانك رولف و زودهي جاسر رئيس مؤسسة المنتدى الاسلامي الاميركي للديمقراطية اضافة الى شاهدين من اقارب شباب كانوا متورطين في اعمال وقضايا ارهابية داخل الولايات المتحدة الاميركية...!
في افتتاحيتها صباح الثلاثاء اتهمت نيويورك تايمز النائب كينغ بمحاولة زرع الفتنة من جديد حين يؤكد في تصريحاته النارية المتزمتة التي اعتاد عليها منذ الحادي عشر من ايلول بأن ثمانين في المئة من مساجد الولايات المتحدة تدار من قبل متطرفين. لكنه لم يقدم دليلا حقيقيا واحدا يثبت ذلك. ولم يقدم ادلة في السابق على اتهامات دأب على توجيهها للجاليات الاميركية المسلمة، بعدم التعاون مع الاجهزة الامنية الاميركية. وتضيف نيويورك تايمز مشيرة الى دراسة اجرتها الشهر الماضي جامعتا نيويورك و شمال كاليفورنيا بان المسلمين الاميركيين هم من اكثر الجاليات الاميركية تعاونا وتنسيقا مع الاجهزة الامنية. وان التعاون والتنسيق مع وزارة الامن الداخلي الاميركي هما السبب الاساسي وراء تدني مستويات العنف وحدة التهديدات الارهابية في المجتمع الاميركي.
الكاتب المعروف بوب هربت، وفي عدد الثلاثاء من نيويورك تايمز وصف جلسة استماع النائب كينغ وتصريحاته بانها لا تخدم الا هدفا واحدا وهو مزيد من "الشيطنة" ضد جالية مازالت تعاني من مالحق بها من ضرر منذ الحادي عشر من ايلول عام الفين وواحد.
الزعيم الديني اليهودي بارك شنايدر رئيس "مؤسسة التفاهم العرقي" شجب دعوات النائب كينغ قائلا "الاستفراد بالاميركيين المسلمين واتهامهم بانهم اساس الارهاب ومصدر العنف هو الظلم بعينه". ان تسليط الاضواء على جالية اثنية واحدة، وتركيز التحقيق على افرادها يعتبر مخالفة واضحة وصريحة للمبادئ العظيمة التي ينص عليها دستور الولايات المتحدة الاميركية.
لا اعتراض لدينا على مثل جلسات الاستماع هذه لمناقشة تهديدات المتطرفين، او الارهاب الداخلي، الا ان النقاش يجب ان لا يقتصر على الجاليات الاميركية المسلمة وحدها لان اغلبية الاعمال الارهابية داخل المجتمع الاميركي خطط لها ونفذت من قبل جماعات لا علاقة لها البتة بالعرب والمسلمين.
ان مخاطر مثل هذه الجلسات العدمية تكمن في الدعوة الى احياء وتقوية الاصوات الحاقدة التي بدأ صداها يخفت بعد مرور نحو عشر سنوات على احداث الحادي عشر من ايلول عام الفين وواحد.

Williams@myacc.org