الإشراف التربوي * رائدة القصار
12-03-2011 03:41 AM
إن المنظومة التربوية في سعيها المتواصل لمسايرة التطورات الراهنة في مجالات الاقتصاد وتقنيات الاتصال والشبكات الإلكترونية إنما تنشد العمل على تطوير العنصر البشري وإعداده لمواجهة متغيرات العالم من حوله وتأهيله للمستقبل، ولأن عملية التطوير والتحسين لا تقف عند مرحلة تعليمية دون سواها، ولا عند فئة دون غيرها، بل هي عملية شمولية تهدف إلى الارتقاء بمستوى العملية التعليمية التعلمية على اختلاف عناصرها.
وإن الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة التربية والتعليم في هذا الاتجاه ما زالت مستمرة من خلال إدخال مشاريع تطويرية كبرى في مختلف المراحل التعليمية للارتقاء بمستوى الأداء والإنجاز الفائق الجودة لمختلف الأطراف، وهو مطلب وطموح يسعى إليه جميع التربويين لتحقيق الكفاءة الإنتاجية والإتقان التربوي المتميز في مخرجات مرحلة التعليم
وعليه فإن تفعيل الإشراف التربوي يصبح مطلبًا ملحًا وضروريًا لتطوير التعليم، باعتبار الإشراف ممارسة قبل أن يكون علمًا أو نظرية، أساسه البحث عن الكيفيات والاتجاهات التي يمكن بها تعديل المواقف التعليمية وتحسين مستوى الأداء ولما كان الإشراف عملية تربوية ذات نشاطات تعاونية منظمة ومستمرة،تهدف إلى تحسين التعليم والتعلم من خلال رعاية وتوجيه وتنشيط النمو المستمر لكل من المتعلم والمعلم والمشرف وكل من له أثر في تحسين العملية التعليمية التعلمية. وكذلك تقوم على احترام رأي كل من المعلمين والمتعلمين والقائمين على عملية الإشراف التربوي والمؤثرين فيه، وتسعى هذه العملية إلى تهيئة فرص النمو والتشجيع على الابتكار والإبداع. صار التقدم في عمليات الإشراف التربوي مرتهنًا بالبحث عن اتجاهات ونماذج معاصرة أكثر انفتاحًا ومرونة وابتكارًا، لتوظيفها في الميدان توظيفًا فاعلاً بغية التحسين المتواصل لمهارات المشرفين التربويين ومديري المدارس والمعلمين من أجل تجويد عمليات التعليم والتعلم
ومن هنا نرى أن الإشراف التربوي يستمد قوته ووجوده من أهمية الدور الذي يؤديه في الميدان التربوي ولا يخفى على أحد أن أي عمل يتدخل به العامل الإنساني يتسلل له أشخاص يحرفونه عن مساره الذي وجد له ولكن هذا الأمر لا يعطي مبرراً لأي إنسان أن يحكم عليه بالفشل ولكنه يعطي المبرر لتطوير آليات الإختيار سواء كانت مادية وتتمثل بالورشات والدورات والإختبارات الأكاديمية والتربوية أو بالإشخاص الذين يجرون المقابلات ويضعون التقديرات ضمن معايير متفق عليها سابقاً ومعلنة للجميع.
ويواجه المشرف التربوي تحديات عديدة تجعله في أغلب الأوقات يتوانى عن أداء رسالته التي وضع من أجلها ومن أبرز هذه التحديات:
1-حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقه دون وجود صلاحيات محددة وواضحة.
2-عدم وجود معايير واضحة لإختيار المشرفين التربويين وتباينها من سنة لأخرى.
3-عدم وجود مرجعيات قانونية وإدارية أمام المشرفين التربويين ويكون مرجعهم في المديريات إما رئيس القسم الذي يكون إختياره ضمن آليات غير سوية وبالتالي لا يمثل سلطة خبرة وكفاءة ، أو المدراء المختصين ومديري التربية والتعليم وأكثر المشرفين التربويين يفوقوهم خبرة أكاديمية وتربوية،مع عدم إغفال توجه الوزارة حالياً لتعيين وترقية المشرفون التربويون مدراء مختصين.
4- التشكيلات المدرسية وتنقلات المعلمين وفتح وإغلاق شواغر من قبل إداراة التخطيط والتعامل مع أعداد حصص وأعداد معلمين بغض النظر عن التخصصات وخصوصياتها.
5- المناهج المدرسية التي تخلو من التربويات بكافة مراحلها وكذلك المناهج الجامعية بالتخصصات العلمية والإنسانية حيث يزج بالمعلم إلى المدارس ويدرب تدريباً مكثفاً خلال أسبوعين ويتوقع منه الممارسات الجيدة داخل الغرف الصفية دون الأخذ بعين الإعتبار الظروف الأخرى.
6-التكتلات والشلليه التي تواجه المشرف التربوي في بداية عمله وخاصة إذا تم تعيينه خارج نطاق منطقته وهذا ما يحدث أكثر الأوقات .
7- التطوير المهني للمشرف التربوي الذي يكون مرتبطاً أكثر الأوقات بعلاقاته الشخصية وقدرته على إدارة علاقات عامة ضمن مديريتة أو ضمن مديريات الوزارة المختلفة وبنظرة سريعة للمشاريع التي تعمل عليها الوزارة بالتعاون مع المشرفين التربويين وأسماء المشرفين المشاركين معهم نلاحظ تكرار نفس الأسماء سواء بالمناهج أو الإمتحانات أو التدريب وهكذا
8-تعيين المشرفين خارج مناطق سكنهم وبمسافات بعيدة جداً فمثلا بسهولة يمكن تعيين مشرف من إربد في مديرية تربية البتراء وهنا نرى عدم وجود الراحة النفسية والجسمية والمالية فيبدأ المشرف التربوي منذ لحظة تعيينه بالبحث عن وسيلة لنقله الى منطقة أقرب مما يؤدي لعدم ثباته وتقديم خدمة نوعية للمعلمين.
9-النظرة المسبقة للإشراف التربوي من حيث الخدمات التي يؤديها والتي تكون أكثر الأوقات مرتبطة بفكرة التفتيش التربوي.
10-قناعات المشرفين أنفسهم ومجموع خبراتهم والإحباطات التي يتعرضون لها وكيفية التصرف ليعلنوا عن أعمالهم ويسوقونها بطريقة جيدة.
وكما علمنا فإن وزارة التربية والتعليم تقوم حالياً على وضع مشروع جديد لإعادة هيكلة الإشراف التربوي وتطويره ونحن كمشرفون تربويون في هذه الوزارة نسأل هل تم بناء هذا المشروع إعتماداً على دراسات ونتائج ،هل تم وضع الإحتياجات وإختيار الأولويات منها،هل تم إجراء حوار شامل مع المشرفين في الميدان ومديريات الوزارة المختلفة حول التحديات والصعوبات التي يواجهونها في عملهم،أقرب شخص إلى مديري المدارس والمعلمين والطلبة والمجتمع هو المشرف، نحن نعلم علم اليقين بأن هناك بعض من المشرفين لا يقومون بعملهم بالطريقة الصحيحة ولكن كل نتيجة لها سبب هل بحثت وزارتنا عن الأسباب ،أمامكم الميدان إسألوا ولا تعتمدون على التقارير المكتوبة لأنه لا يعبر عن حجم الأعمال التي يقوم بها المشرف فكثير من الأمور لو تمت كتابتها سيشكل لجان تحقيق لها ولكن المشرف بحنكته وتدبيره يقوم بحلها بالمشاركة مع المعنيين ويأخذ مدير التربية علماً بها شفهياً.