ما بالُكَ لو سَلِموا وسَلِمنا؟!
محمود الدباس - ابو الليث
16-01-2024 10:43 AM
قبل عدة ايام ركبت تاكسي في احدى مناطق عمان.. وعلى احد التقاطعات استمر السائق بالمسير.. وكانت هناك سيارة اخرى تزاحمه على العبور.. مع ان الأولوية كانت واضحة لنا.. وكاد ان يقع حادث لولا ستر الله.. فقلت للسائق بعد ان انتهى الموقف.. لماذا فعلت هكذا؟!.. اليس من الافضل ان لو تركته يمر قبلك؟!..
فكان جوابه.. الأولوية لي.. واذا ضرب سيارتي فان الحَق واضح عليه.. وسيقوم باصلاح سيارتي..
فرددت عليه.. وهل حسبت حساب العَطَلَة والتوقف ومراجعة كراجات التصليح وشركة التأمين؟!..
اليس الاحسن أن تتعامل مع هكذا امر بمبدأ يسَلَم ونَسلَم؟!..
ذكرتني هذه الحادثة بأمر صديق لي يعمل في مؤسسة رسمية في احدى الدول العربية.. وكان عندهم مدير يتعامل في كثير من الأحيان مع الموظفين من كلا الجنسين بتعامل منفرد وبسرية تامة.. فكان يغلق الباب عليه وعلى من معه ولا يسمح لاحد بالدخول..
فكثر الحديث عنه وعن بعض مَن يدخلون اليه في خلوته.. وكان دوما يقول.. هذا مكان عمل وله خصوصيته..
إلى أن جاء الوقت الذي تم الاستغناء عن خدماته بسبب مشكلة اخلاقية..
وشاء الله ان يستلم صديقي مكانه.. وكان صديقي من اكثر الناس نقدا وتعليقا على ذلك المدير وعلى تصرفاته..
فوجد ان من بعض اساسيات العمل.. وفي حالات.. يجب ان يجتمع منفردا مع الموظفين وبسرية تامة للحديث.. فما كان منه الا ان طلب بتغيير باب مكتبه الخشبي الواسع.. بباب من زجاج السوكوريت.. فقال لي.. وهكذا اصبحت اجتمع منفردا مع اي من الموظفين والموظفات.. وبخصوصية تامة للحديث.. ولكن امام الجميع.. دونما اي ظنون سيئة.. لان اي حركة او ايماءة يراها كل من يسير في الكاريدور.. عدا عن مدير المكتب..
من هنا اجدني اعرِّج على امر اخلاقي يراه الكثيرون بسيطا.. ألا وهو العمل في بيئة الاختلاط.. والذي اصبح طبيعيا ومعتادا ولا حرج فيه.. إلا انني ومن واقع الحديث مع الكثيرين ممن يفضفضون لي.. اقول بان هناك من بناتنا واخواتنا ومن اللواتي نحترمهن جل الاحترام.. مَن لا تراعي وجود زميل مضطر للعمل معها عن قرب.. ولفترات قصيرة او طويلة.. ويكون التعامل فردي اي ليس على شكل مجموعة.. وقد يكون في اماكن شبه منعزلة..
فتراها تلبس اللباس المحتشم نوعا ما.. ولا تنتبه ان الرجل مهما حاول ان يغض بصره ويبدي اشكال الأدب الاحترام.. إلا وسينظر اليها.. فالقميص او الجاكيت شبه الطويل على سبيل المثال.. والذي لا يغطي كثيرا.. هو بمثابة المُحفِز للذكور للنظر بإمعان وتدقيق..
فعليكِ ايتها البنت او الاخت او الزوجة التي نحب لك الخير والاحترام والتقدير والذِكر بالخير في الحضور والغياب.. ونعلم تمام العلم انك لا تقصدين شيئا سيئا.. ان تعلمي بان الزملاء لا بد وان يتجاذبهم الاحاديث احيانا.. وقد يتم نعتك بما انت لست فيه..
وعن وصف هذه الحالة قال لي صديق مقرب جدا.. ان له لزميلة يتوسم فيها الخير والحشمة والأدب.. ولانه يعرفها منذ زمن.. وان معدنها طيب وبيئتها نظيفة.. وتتعامل مع البعض بالطيبة والعفوية.. ولكنها لا تدرك ما يدور حولها.. بان زملائه يتحدثون عنها وعن ملابسها ومشيتها كثيرا فيما بينهم.. ولانها رزينة وليست كمعظم الزميلات اللواتي يتعاملن مع الزملاء بانفتاح ودون حرج.. فاي تصرف ولو كان بسيطا يرصدونه ويحسبونه عليها..
فتجرأ يوما وقال لها.. ليتك تلبسين قميصا اطول.. وتسرعين في مشيتك.. وتتعاملين معنا جمعيا بنوع من الوعي والحرص والحذر.. بعيدا نوعا ما عن الطيبة..
فيقول صُعِقتُ من ردها الذي كان ((ما حد بيجرؤ يحكي معي بشكل سيء.. وكلهم يعاملوني باحترام.. واذا اللي بتحكيه صحيح.. خليهم يأثموا.. وانا اكسب حسنات))..
يقول صديقي.. قلت لها.. ما بالكِ لو سلِموا وسلِمتِ.. اليس افضل؟!..