لله در معركة طوفان الأقصى ما أغنى كنوزها، وما أكثر دروسها، وما أعمق عبرها، وما أكثر اكتشافاتها، وما أكثر الحقائق التي اكدتها.
أحدث هذه الحقائق التي أكدتها معركة طوفان الأقصى، جاءت هذه المرة من قلب القارة السمراء، وهي حقيقة تقول ان الحرية مثلما هم انصارها وحماتها لاينتمون إلى لون بعينه، ولا إلى عرق بذاته، فلطالما ذبحت الحرية على يد أصحاب البشرة البيضاء أو الحنطية أو الصفراء، مثلما ذبحت كثيراً على أيدي من يظنون انهم أصحاب عرق متفوق كما هو حال الكثير من الغربيين، أو ممن يعتقدون بان شعوب الأرض إنما خلقت لخدمتهم، لأنها دون مستواهم كما يؤمن يهود، حسبما جاء في تلمودهم.
لذلك يمكن القول بأن الحرية لا لون لها ولا عرق، لأنها فكرة ومفاهيم يمكن أن يؤمن بها أناس من كل الألوان والأعراق والاديان، باستثناء اليهودية المحرفة، وهو بالضبط مابرهنت عليه معركة طوفان الأقصى، فها هي دولة جنوب أفريقيا تنتصر الحرية فلسطين وتسعى لحمايتها من الذبح، ليس على يد يهود او غلاة الاستعمار الغربي الشريك للصهيوني في سلب حرية فلسطين التي تسعى لحمايتها جنوب أفريقيا حتى من بعض اخوتها الذين يفترض انهم شركاؤها في الدم والدين والتاريخ والجغرافيا، لا شركاء في ذبحها..!
ودولة جنوب أفريقيا في وقوفها إلى جانب حرية فلسطين، لا تؤكد بأن الحرية لا لون لها فقط، بل تؤكد كذلك، وفاء تاريخها، فهي لم تنس حجم معاناتها من التميز العنصري، وترفض أن تتجرع شعوب أخرى من الكأس الذي تجرعته قبل أن تنال حريتها بفضل نضالها، التي ظلت وفية لرموزه وفي مقدمتهم نلسون مانديلا، لذلك انحازت لحرية فلسطين. وهو انحياز كسبت به نفسها ومكانتها العالمية، وصارت تعبيراً حياً عن أحرار العالم، عندما كسرت الصمت الرسمي اتجاه أعدل قضية حرية في العالم هي قضية فلسطين، رافعة صوت المظلومين والمضطهدين،
فاثبتت انها اكثر تحضرا وتمدنا من الكثير من شعوب يدعي قادتها انهم الأكثر تحضراً وتمدناً، مع أن أيديهم تقطر من دماء الشعوب، ومع انهم يجاهرون صبح مساء بدعمهم لحرب الإبادة التي يشنها الصهاينة على أبناء فلسطين.
الدعوة التي رفعتها دولة جنوب أفريقيا ضد الكيان الصهيوني متهم اياه بارتكاب إبادة جماعية، فوق أنها تؤكد أن الحرية لا لون لها ولا عرق، فانها تؤكد أن معركة طوفان الأقصى واقعة تاريخية تُعيد كتابة الكثير من صفحات تاريخ البشرية، وتؤكد الكثير من الحقائق التي حاول البعض اخفاءها أو تزويرها.
الرأي