رحل كبير قضاة الأردن ولم يقل وداعا وكأني به يقول لزملائه رجال العدالة إن اللقاء قريب عند القاضي العادل رب السماوات والأرض ألا فليعمل من تولى أمر الناس على راحة الضمير وحسن اللقاء .

عرفنا الراحل الكبير لسنوات طويلة فارسا من فرسان ساحة العدالة منذ كان قاضيا في محكمة البداية مطلع ثمانينات القرن الماضي إلى أن تولى رئاسة المجلس القضائي عدة سنوات تميزت ببدء مرحلة تطوير عمل السلطة القضائية ورفدها بالكفاءات القانونية وتحصين القضاء والقضاة من اي تدخل أو تأثير على سير مرفق العدالة .

لم يكن القضاء في نظر المرحوم (ابو غازي) مجرد علم بالقوانين والإجراءات وإنما كان أيضا بناء شخصية القاضي ومكانته في المجتمع وسلوكه الاجتماعي وحصانته القضائية، ومن هنا فقد كان رحمه حريصا على توافر الاستقرار الوظيفي للقاضي وكان واسع الصدر حليما في معالجة الاخطاء وحكيما في مواجهة ما قد يعترض سير عمل القضاة في المحاكم وخارجها .

لقد كان المرحوم يدرك أن المناصب لا تدوم والعاقل من يغادر منصبه عادلا في الإدارة وعادلا في الحكم بين الخصوم، وتلك معادلة صعبة لا يستطيعها الا الكبار ، واقول واثقا إن المرحوم محمد صامد الرقاد كان صامدا في قلعة العدالة وقد غادرها مكللا بالاحترام وخلفه عبارات الثناء والشكر والتقدير من زملائه قضاة ومحامين وعاملين في المحاكم .

رحل ابو غازي وأجره على الله، وستبقى ذكراه الطيبة وسيرته الناصعة ماثلة في ذاكرة رجال العدالة وتاريخ القضاء الاردني ولا اقول فقط اننا فقدنا فارسا من فرسان العدالة وإنما أيضا ربحنا سيرة عطرة وعبرة لمن اعتبر .

أما العزاء في رحيله فليس لأسرته وعشيرته فحسب، وإنما لنا جميعا قضاة ومحامين وعاملين في مرفق العدالة .

وإنا لله وإنا إليه راجعون..