صرخات الحكمة لوقف العدوان مع ملك السلام
السفير الدكتور موفق العجلوني
15-01-2024 10:22 AM
يعيش العالم حاليًا في فترة مليئة بالتحديات الجيوسياسية والنزاعات الدولية، حيث تتسارع وتيرة الجنون الوحشي غير العقلاني بين نفر من الدول العظمى. يتمثل هذا الجنون في تصاعد التوترات والتصعيد العسكري، مما يجعل من الضروري التفكير بجدية في استبدال الحلول العسكرية بالحوار الدبلوماسي وتحكيم العقل والحكمة.
تتسابق العديد من الدول العظمى نحو تطوير أسلحة أكثر فتكًا وتطوير تقنيات عسكرية وتكنولوجية بما فيها الذكاء الاصطناعي تتجاوز حدود العقلانية. هذا السباق يثير مخاوف حقيقية بشأن استخدام هذه القوة الهائلة بشكل همجي ووحشي غير مسؤول ويفتقر الى ادني مشاعر الانسانية والحضارة والقانون الدولي، هذا حال ما نشاهده من وحشية في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
تشهد العديد من المناطق النزاعات الدائمة التي تتداخل فيها مصالح الدول العظمى، مما يفاقم الأوضاع ويعرقل الجهود الدبلوماسية حتى في أروقة الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية. وبالتالي يجب على الدول العظمى أن تدرك أهمية التحول نحو تحقيق السلام من خلال الحوار الدبلوماسي العقلاني والتفاوض، لان السلام يحقق الاستقرار ويخدم مصالح البشرية بشكل أفضل. هناك امثلة كثيرة لم تأخذ هذه الدول، وهؤلاء القادة، رغم انهم بلغوا من العمر عتيا، الدروس والعبر منذ أيام الحرب العالمية الأولى والثانية وهيروشيما ناجازاكي وفي العراق، في الوقت الذي بات عليها ان تتوقف عن شن الحروب على الدول الأخرى بهدف واحد تدميرها وابتزاز خيراتها، كما يحدث الان في قطاع غزة وفلسطين وفي العديد من دول العالم الثالث.
من هنا يجب تشجيع التعاون العقلاني والإنساني والمصالح المشتركة بين الدول على مختلف الأصعدة، سواء كان ذلك في مجال السياسة او التجارة، او الصحة، او التكنولوجيا، وحتى في تعزيز التعاون العلمي والثقافي والتفاهم في حل القضايا الخلافية، وبالتالي على الكبار...!!! (هكذا يطلقون عليهم، علماً انهم بنظري كبيت العنكبوت ليس الا، والسابع من أكتوبر اكبر مثال حي على هشاشة إسرائيل و من وراء إسرائيل) يجب على هذه الدول التي تعتبر كبرى أن تعكف على حل القضايا الخلافية بالطرف الدبلوماسية والتي يحكمها العقل بعيدا عن الانانية و المصالح الدنيئة، علاوة على حل المسائل الأخرى التي تهم البشرية، على سبيل المثال لا الحصر: التغير المناخي، الفقر، واللاجئين، بدلاً من التركيز الكبير على الأمور العسكرية وتدمير الشعوب الضعيفة. فهذا الكون خلقه الله سبحانه وتعالى ليتسع للبشرية جمعا (كما جاء في قوله تعالى " يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، ان اكرمكم عند الله اتقاكم". صدق الله العظيم. و ليس عالماً من الوحوش والذئاب.
نعم وألف نعم كفوا أيها "الكبار" عن جرائمكم بحق الشعوب والتي سلبتم خيراتها منذ عشرات السنين في الشرق الأوسط وافريقيا ومناطق عديدة من هذا العالم، استعمرتم العالم، واكلتم الأخضر واليابس وتطلقون على أنفسكم انكم " كبار “تتمتعون بالديمقراطية وحقوق الانسان، وأنتم من قتل الانسان وحرمتموه حقوقه، وسرقتم ارضه، وتركتموه اما مقتولاِ او مدفونا تحت الإنقاذ او مقطعاً أشلاءً، او نازحاً او مهجراً او سجيناً.
لا بد ان تصحوا من سباتكم أيها الكبار، فقد فقدتم كبرياءكم وانسانيتكم واخلاقكم، تمسمرتم بوحشتيكم و بصهيونيتكم التي جلبتم شتاتها من كل بقاع الدنيا لتزرعوهم مكان شعب اصيل بكل ظلم و دناءة و حقارة و عدم إحساس، لا بل اصبحتم الغابة والقلعة التي تسكنها الوحوش تبحثون عن صيد ثمين في منطقة الشرق الأوسط، فوجدتم ارض كنعان العروبة ارض الخير ارض الرسالات السماوية ارض فلسطين الحبيبة .
تتطلب التحولات العقلانية وتحكيم العقل وتضافر الجهود الدولية صاحبة الضمير بوقف العدوان الوحشي الغاشم على قطاع غزة والضفة الغربية ، وان تحل الدبلوماسية بحيث تكون أداة فعالة لحل النزاعات بشكل سلمي وتحقيق التقدم الإنساني. إن الوقوف معًا من أجل العدل والسلام يعزز فهمًا أفضل لاحتياجات البشرية ويضع أساسًا لعالم أكثر عدالة واستقرارًا.
أيها "الكبار" قادة سياسيين وعسكرين يكفيكم قتلاً ودماراً ونهباً وسلباً ووقوف الى جانب المحتل المجرم المغتصب. انكم تقودون العالم الى الهاوية واول وقود هذه الهاوية ستكونون أنتم ومن يسير في ركابكم، لن تنفعكم جيوشكم ولا طائراتكم ولا بوارجكم الحربية، الفلسطينيون على حق وأنتم تعلمون انكم على باطل وتتخذون النتن- ياهو وزمرته وتدعمونه بالسلاح والمال ليبقى اليد الطولى المجرمة، فيده الطولى قطعتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ولم يبقى الا صورة جرائمها، وهذه الجرائم البشعة ستبقى ملصقة على صدوركم وجباهكم، ومحفورة في تاريخ وعقول وقلوب شعوبكم. اوقفوا نيراكم وعدوانكم عن قطاع غزة والضفة الغربية وعودوا الى شتاتكم وبلدانكم قبل ان ترفضكم شعوبكم لأنكم اسأتم لهذه الشعوب التي منحتكم ثقتها لتجلبوا لها الخير لا العار والدمار وقتل الانسان.
أيها الكبار، عودوا الى صاحب الحكمة والعقلانية والدبلوماسية، عودا الى ملك المملكة الأردنية الهاشمية جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين ملك السلام، فهو عنوان الثقة الدولية والحكمة والعقلانية والاعتدال. لقد رسم لكم أيها الكبار طريق السلام الدائم والحل العادل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي بحيث تعيش المنطقة بسلام دائم وعادل. أيها الكبار عودوا الى ملك الأردن ملك السلام، وسيروا على الخطوات التي ينادي بها من اجل إرساء السلام الشامل والعادل والدائم، ليس من اجل هذا الطرف او ذاك، ولكن من اجل السلام العالمي. وهنا استشهد برسالة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس:
" أكد ملك الأردن في رسالته "مواصلة العمل لوقف العدوان فورا، والسعي لإيجاد أفق سياسي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، ووفق مبادرة السلام العربية والقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، على خطوط الرابع من يونيو/ حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية". وأن ما يتعرض له قطاع غزة من عدوان غاشم، وما تتعرض له الضفة الغربية من انتهاكات لا شرعية، امتداد لسبعة عقود سادت فيها عقلية القلعة وجدران العزل والاعتداء على المقدسات والحقوق".
وبالتالي فان ترك الأمور للوحشية الإسرائيلية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية والعنترية للنتن-ياهو وغياب الضمير العالمي في الغرب والشمال، سيأخذ العالم باسره الى الجحيم ويصبح العالم بدل ان يكون حديقة غناء لكل الشعوب، سيمسي غابة من الوحوش، وهذه الغابة سرعان ما تشتعل بها النيران: تيمناً بقوله تعالى" وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، صدق الله العظيم.
* السفير الدكتور موفق العجلوني /مدير عام مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية .