تمثل زيارة الأمير الحسين بن عبدالله إلى سنغافورة، وتحديداً إلى كلية "لي كوان يو" للدراسات العليا في السياسات والإدارة الحكومية، خطوة بارزة في مسار تطوير الكفاءات الحكومية في الأردن، هذه الزيارة، التي تأتي في إطار السعي الدؤوب للارتقاء بالمستوى التعليمي والتنفيذي للقادة وكبار الموظفين الحكوميين، تفتح الباب أمام فرص جديدة لتبادل الخبرات والتعلم من تجارب دولية ناجحة مثل تجربة سنغافورة وماليزيا، وكذلك من مؤسسات عريقة مثل "كلية كينيدي" في جامعة هارفارد، وكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية.

في هذا السياق، يبرز المقترح الطموح لإنشاء "كلية الحسين بن عبدالله للإدارة الحكومية" في الأردن كمبادرة استراتيجية لتطوير القدرات الإدارية والقيادية في البلاد. إن الحاجة إلى مثل هذه المؤسسة التعليمية المتخصصة تأتي في وقت تتزايد فيه التحديات التي تواجه الحكومات على مستوى العالم، وتبرز الحاجة الماسة لتطوير أساليب الإدارة وصنع السياسات لتتواكب مع متطلبات العصر.

"كلية الحسين بن عبدالله للإدارة الحكومية"، التي تستلهم في مسارها التعليمي من تجارب أفضل الدول في الإدارة الحكومية، ستكون مركزًا للتميز في تقديم برامج التعليم التنفيذي المتخصصة. هذه البرامج ستركز على تطوير مهارات القيادة والإدارة الحديثة، بالإضافة إلى تعميق الفهم الاستراتيجي للسياسات العامة، وتوفير الأدوات اللازمة لتحسين الخدمات والسياسات الحكومية.

من المتوقع أن تسهم هذه الكلية في تخريج جيل جديد من القادة والمتخصصين في الإدارة الحكومية، قادرين على التعامل مع التحديات الحالية والمستقبلية بكفاءة وفعالية. ستعمل الكلية على إعداد الكوادر الحكومية ليس فقط للتعامل مع القضايا الراهنة، بل وأيضًا لتوقع ورسم ملامح الحكومات المستقبلية من خلال التركيز على الابتكار والاستشراف والرشاقة المؤسسية وكيفية تقديم خدمات متميزة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة.

من الأهمية بمكان أن تشمل الكلية في مناهجها الدراسية وورش العمل التي تقدمها، على دراسات متخصصة وبحوث تتعلق بأفضل الممارسات العالمية في مجال الإدارة الحكومية. وذلك لضمان تقديم محتوى علمي وعملي يتماشى مع أعلى المعايير الدولية، ويتكيف مع المتغيرات المحلية والإقليمية.

في ضوء هذه المبادرة، تقف الأردن على أعتاب مرحلة جديدة ومثيرة في مجال الإدارة الحكومية. "كلية الحسين بن عبدالله للإدارة الحكومية" ستكون بمثابة منارة للمعرفة والابتكار، تسهم في تعزيز دور الأردن كرائد في هذا المجال على المستويين الإقليمي والدولي.

إن إنشاء هذه الكلية لن يكون فقط إضافة نوعية للمنظومة التعليمية في الأردن، بل سيكون أيضاً خطوة مهمة نحو تحقيق تطور حقيقي ومستدام في الإدارة الحكومية، وهو ما يعد أساسياً في تحقيق النمو والازدهار للبلاد في العقود القادمة..

* صالح سليم الحموري
خبير التدريب والتطوير
كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية