على أبواب المحكمة في لاهاي
د. عزت جرادات
14-01-2024 12:27 PM
بدافع من معاناتها التاريخية وتجربتها الإنسانية، جاء تقديم جنوب أفريقيا للقضية المأساة- مأساة غزة- إلى محكمة العدل الدولية وعنوانه الصارخ أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة والإبادة الجماعية- الجنوسايد-Genocide- تشير إلى الإبادة الشاملة لشعب أو فئة ما على أسس عنصرية أو دينية أو غير ذلك، عملياً أو بالنوايا المعلنة، فقد أعلنت إسرائيل، قادة سياسيين عاملين أم غير عاملين أم أكاديميين، وجميعهم يطالبون بالدمار الشامل وإبادة المواطنين وهدم العمران كعقوبة جماعية، وكان أبرزها تصريح رئيس الكيان الإسرائيلي:
"لا فرق بين المواطنين المقاتلين والمواطنين المدنيين في غزة" فأصبحت غزة وما فيها من بشر وعمران، وبخاصة الأطفال، أصبحت جمعيها أهدافاً عسكرية"..
وعودة إلى القضية التي تقدمت بها جنوب افريقيا بكل تقدير وإكبار، فهي أحق دولة أن تحمل الأمر إلى محكمة العدل العليا إذْ اختزن في ذاكرتها معاناة لا تُنسى- رغم المسامحة.
فتقدم الحقائق والوثائق وأعمال الإبادة الجماعية التي تمارسها اسرائيل في غزة، فهناك شعب في الأراضي التي تحتلها إسرائيل تحمّل الكثير ولعقودٍ جرائمَ الإحتلال، وأبلغها القَهْر والإضطهاد.
ومع أن الشعب الفلسطيني يؤمن بعدالة قضيته ولكن تجربته المرّة مع المنظمات الدولية، وبخاصة مجلس الأمن الدولي حيث بطاقة الفيتو الامريكية على الطاولة ولا تُرفع إلاّ ضد إي قرار يتعلق بالقضية الفلسطينية، هذه التجربة جعلته غير متفائل بصدور أي قرارٍ يمس إسرائيل.
فقد اعتاد الشعب الفلسطيني على ما يُسمى – بالمعايير المزدوجة: واحد لدول العالم، والآخر دفاعاً عن إسرائيل.
إن المأمول أن تتحرر محكمة العدل الدولية من الضغوط من قوى الشر التي تدافع عن إسرائيل، فلا تخضع لإزدواجية المعايير حفاظاً على مصداقيتها أمام المجتم الدولي. ومن الأمثلة على ذلك ما قامت به الولايات المتحدة الامريكية من ضغوط فاشلة في قضية الجدار العنصري وإذا ما نجحت المحكمة في قرارها العادل المستقل، ومع أنها لا تمتلك القوة لتنفيذها، فأنها تصبح منارة للعدل العالمي، وتصبح إسرائيل- مشمّسة- أي منبوذة في العالم، وتعيش فوق القوانين الدولية.
فهل ستؤدي القضية إلى فصل جديد في النظام العالمي، وهل ستنجح المحكمة فيما فشلت فيه منظومة المجتمع الدولي، وبخاصة المنظومتيْن العربية والإسلامية؟..
"الدستور"