بانتظار قرار التدبير الوقتي لمحكمة العدل الدولية
د. محمود عبابنة
14-01-2024 12:23 PM
تابعنا بشغف وترقب مكنون اللائحة و الطلب المستعجل التي تقدمت به دولة جنوب افريقيا الباسلة ، ضد دولة الاحتلال بتهمة ارتكاب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزه ، والرد الذي تقدمت به دولة الاحتلال وما تضمنه من دفوع وعدم تسليم بما ورد بلائحة الطلب المقدم على ذمة الدعوى الاصلية التي تنتصب بها دولة الاحتلال مدعى عليها بارتكاب جريمة الابادة الجماعية ، وبالرغم من ان كلا الفريقين قد حشد ثله من القانونيون المقتدرين إلا إن عدالة القضية ترتب حجة قوية استندت عليها دولة جنوب افريقيا وهي التي ستضع جائزة الفوز في كفه ميزان دولة جنوب افريقيا ، بالرغم من كل فذلكات المحامي البريطاني "مايكل شو" وقدرة وسمعة القاضي الاسرائيلي "اهارون بارك" ، فالاول صرف جل جهده في المناكفة القانونية في تعريف الابادة الجماعية ومدى انطباقه على الواقع وتطرق الى مساهمة الضحية بالابادة ان وجدت ، والمح بخبث عن علاقة حماس بدولة جنوب افريقيا .
اما مدعي عام الجيش الاسرائيلي الذي طلب عدم اجابة طلب دولة جنوب افريقيا باتخاذ اجراء وقتي احترازي مستعجل بوقف الحرب لعدم توفر اسباب هذا الاجراء ، ووقف النظر في الدعوى وقد استغرق مدعي عام جيش الاحتلال باستعراض انضباطية الجيش الاسرائيلي ونظام المساءلة لدى المحاكم العسكرية ، والاستناد الى ان تصرفات الجنود تصرفات فردية وهذه حجة هزيلة طوحت بها الصور التي قدمتها القانونية القديرة من فريق دولة جنوب افريقيا "عديلة هاشم ".
لجئ فريق دولة الاحتلال الى التركيز على يوم السابع من اكتوبر 2023 واخذ بسرد قصص غير صحيحة وغير مثبته عن حالات الاغتصاب والاحراق وقطع رؤوس الاطفال ، ولم يقدم أي دليل مادي ملموس سوى الاقوال المرسلة ، اما الاستناد الى ما يقدمه الجيش الاسرائيلي من جهود باعادة خط المياه وتسهيل وصول المساعدات الغذائية والدوائية ، فهي ادعاءات تثير السخرية على ضوء تصريحات امين عام الامم المتحده واحصائيات منظمة الاغذية العالمية ومؤسسات الامم المتحدة ومن ذلك على سبيل المثال : تصريح نائب الامين العام ان وصول المساعدات الى وسط غزة اصبح مستحيلاً ، وتصريح الامين العام بانه لا مكان امن في غزة ، بالاضافة الى الاقرار الصريح من مسئولي دولة الاحتلال العسكريين والمدنيين بقطع المياه والكهرباء عن غزة في بداية الحملة العسكرية الهمجية ، وادعائه أن من يعيق وصول المساعدات هي اجراءات الدولة المصرية !.
خلاصة القول ان مقتل قضية دولة جنوب افريقيا التي سيتأملها ملياً قضاة المحكمة هي مدى توفر النية المبيته المسبقة ( القصد الخاص ) لارتكاب جريمة الابادة الجماعية على ما عرفتها اتفاقية منع الابادة الجماعية والتي تشمل قتل أعضاء من الجماعة. اوإلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة. أو إخضاع الجماعة، عمدا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا. أو فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة .
دولة جنوب افريقيا قدمت مرافعة اولية للحصول على الاجراء الاحترازي المستعجل لإيقاف هجوم اسرائيل الذي يسعى للابادة الجماعية ، وكانت مرافعة قوية وذكية ومدروسة ، وقد تعززت بالأدلة القاطعة من خلال عرض صورالقصف السجادي والتدمير الممنهج ، والجثث ، وهذا اثبت بجدارة الركن المادي لجريمة الابادة الجماعية ، كما اثبثت الركن المعنوي للجريمة من خلال تصريحات رئيس حكومة دولة الاحتلال الذي استدعي اساطير تلموديه وتوراتية ، وردد ما ورد في سفر صموئيل الأول : " اذهب وحارب العماليق. اقض عليهم قضاء تاما هم وكل مالهم، لا تشفق عليهم، اقتل جميع الرجال والنساء والأطفال والرضع..... ". وتكرر ذلك بتصريحات وزير الدفاع الاسرائيلي الذي خاطب جنوده بان الفلسطينين حيوانات بشرية ، كذلك تصريحات باقي وزرائه المهوسين المتطرفين الذين مارسوا التحريض على فعل الإبادة الجماعية ، بالاضافة الى ذلك المباشرة بقطع الماء والكهرباء والغذاء والدواء عشية بدء الحملة العسكرية ، كما واعتمدت مرافعه دولة جنوب افريقيا على الارقام والبيانات الصادرة من الامم المتحده ، وفقهيا احسنت دولة جنوب افريقيا بالاستشهاد بالسوابق القضائية للمحكمة في موضوع الابادة الجماعية وذكرت بقضية اوكرانيا والروهنينغا ، والبوسنة ، لكل ما تقدم فاننا بانتظار قرار منصف يقضي بوقف الحملة العسكرية الاسرائيلية الرامية لاتمام الابادة الجماعية لسكان غزة .
من زاوية المنطق القانوني ، فان اي مراقب او محلل موضوعي لا بد ان يرجح ان عناصر واركان جريمة الابادة الجماعية متوافرة ، وان المرافعة المتهاوية للفريق القانوني لدولة الاحتلال التي شابها فساد في الاستدلال ، وفقر وقصور في التعليل ، لن توفر لها الفرصه للتفلت من المساءلة سيما وانه من المفترض ان الولايات المتحده الامريكية لن يكون لها صوت فيتو في محكمة العدل الدولية .