مئة يوم لكنها ليست من العزلة هي عمر العدوان الصهيوني الغاشم على قطاع غزة الأبي عن الانكسار والعصية مقاومته على العدوان النازي ومناصريه، والممتدة ايديهم الملوثة بدماء الفلسطينيين الى الضفة الغربية، والمفتخر باغتيالاته لقيادات من المقاومة، مئة يوم أعادت القضية الفلسطينية ليست الى خارطة المنطقة فحسب، بل لتكون القضية العالمية الاول على صعيد الشعوب وعديد من الحكومات، مئة يوم أزاحت اللثام فظهرت دمامة النازية وقبح وجوه ادعت حرية الانسان والمحافظة على حقوقه، مئة يوم كشفت زيف الادعاءات الغربية التي تقول بحماية الاطفال والنساء فاذا هم قاتلوهم وسفاحها.
صحيح انها الاصعب على شعب القطاع الصامد المستمسك بعقيدته ووطنيته وكفاحه والعصي على التهجير، والمقاوم لكل اساليب القتل التي نظلم النازية حين نشبهها بها، فمن لم يمت بالغارات من الطائرات بأنواعها والقاذفات البحرية عدا عن حرب برية تدمر الشجر والحجر والحيوان كما تقتل الانسان، وهناك طرق اخرى كالتجويع والعطش والموت نزفا مع انعدام اساسيات الانقاذ الطبي وقصف البنية التحتية الطبية وجعلها غير قادرة على العمل، عدا عن نسف البنى التحتية لتكون هناك ارضية واسعة لانتشار الاوبئة والامراض القاتلة، ورغم هذا كله لسان الغزي يقول «لن نرحل...لن نستسلم ....كلنا المقاومة».
مئة يوم جعلت العدو ينزف قهرا قبل كل شيء، فهو الذي لم يتمكن من كبح غضب السابع من اكتوبر المجيد والذي قلب البوصلة وجعل افئدة شعوب العالم والكثير من حكوماته تهوي الى قطاع غزة خصوصا وفلسطين عموما، مطالبة باستقلالها وانهاء الاحتلال الغاشم، مئة يوم كشفت نازية الدولة المتباهية بديمقراطيتها وجيشها الذي لا يهزم وصدقية اعلامها حسب ادعائهم، مئة يوم جعلتهم يدورون حول انفسهم فقط، لا يعرفون كيف بدؤوا واين سينتهي بهم بركة غزة الضحلة، مئة يوم كشفت هشاشة استخباراتهم واستخبارات اوليائهم وقدراتهم التكنولوجية، لتتجاوزهم المقاومة المنصورة بإذن الله وارادة الشعب، مئة يوم جعلت من فلسطين كلها مقاومة، فاحتار العدو اين يبدأ ومتى سينتهي.
مئة يوم جعلت من اسرائيل ذلك الكيان المزعوم يتكشف انقسامه داخليا وهشاشة سمعته خارجيا، مئة يوم صار من يباهي بصهيونيته كمن تباهى بنازيته، مئة يوم حرقت كذبة «معاداة السامية»، وكتبت تاريخا جديدا لمعنى احرار العالم وقيامتهم كيف تكون، مئة يوم ومنذ اليوم الاول اعطت املا في ان شمس الحق ستبزغ من جديد.
مئة يوم علمت الامم ما معنى كلمة وطن ووطنية وفداء، مئة يوم قلبت الموازين، وجعلت افئدة الناس تهوي الى فلسطين التاريخية، لتتصدر امجادها وتاريخها مواقع البحث، ويرفرف علمها العصي على الوقوع اصقاع الدنيا وبكل اللغات يُهتف باسمها «عاشت فلسطين»، مئة يوم كانت هذه الدولة الصغيرة شاغلة الدنيا ومالئة الناس.
مئة يوم جعلت جنوب افريقيا ودولا اخرى تسير في ركابها تتوجه الى اعلى جهة قضائية دولية وهي محكمة العدل الدولية ليقف ممثلو هذا الكيان الغاصب صاغرا امامها مفندا وحشيته أمام حقائق على ارض الواقع لا تنفي عشقهم للقتل والدم وانتهاك الحرمات، تتصارع فيه قواه النازية في محاولة لدرء التهمة.
مئة يوم ابانت حقيقة القدرة الفلسطينية على الصمود وخلق القوة من لا شيء فقط الايمان بالله والذود عن الوطن وحماية المقدسات الدينية، لتجعل من المقاومة معلما لاساليب قتال وصمود غير مسبوقة.
مئة يوم صبر ...ثبات ... إيمان بأن الله غالب على امره وناصر عباده ان شاء الله، مئة يوم درس للعالم لمفهوم الحق العدالة الاخلاق الوطنية والاباء والمثابرة...
الدستور