في عالم يعج بالتحديات والنزاعات، تبرز جنوب أفريقيا كمثال للشجاعة والالتزام بالعدالة، وخصوصًا في دعمها لأهالي غزة. جنوب أفريقيا، التي طالما كانت رمزًا للنضال ضد الظلم والفصل العنصري، تنقل اليوم هذا الإرث إلى الساحة الدولية بدعوتها لتحرك فوري وعادل في العالم.

تاريخ جنوب أفريقيا الحافل بالنضال ضد الفصل العنصري والظلم يمنحها موقفًا فريدًا في الدفاع عن حقوق الإنسان. هذا التاريخ، الذي ليس مجرد جزء من الماضي، بل يستمر في تشكيل سياساتها ودبلوماسيتها الحالية، يظهر جليًا في قضايا مثل غزة، حيث يتطلب الوضع الإنساني تدخلًا عاجلًا وملموسًا.

في الأشهر الأخيرة، اتخذت جنوب أفريقيا خطوات جريئة على الساحة الدولية. من خلال التصريحات الرسمية والدبلوماسية النشطة، تسعى جنوب أفريقيا لحشد الدعم لقضية غزة، مؤكدةً على ضرورة التدخل الدولي لوقف الظلم والعنف.

المحور الرئيسي لجهود جنوب أفريقيا هو دعوتها المباشرة إلى محكمة العدل الدولية للنظر في الوضع في غزة واتخاذ إجراءات لوقف الحرب. ترى جنوب أفريقيا أن هذا الدور ليس واجبًا إنسانيًا فحسب، بل أيضًا جزءًا أساسيًا من السعي نحو عالم أكثر عدلاً وسلامًا.

هذه الخطوات لا تمثل فقط دعمًا لأهل غزة، بل تسلط الضوء أيضًا على دور جنوب أفريقيا كلاعب مؤثر في السياسة الدولية. يُظهر هذا الدور أهمية العمل الجماعي والتضامن الدولي في مواجهة الظلم والحفاظ على السلام العالمي.

موقف جنوب أفريقيا يمثل دعوة للمجتمع الدولي بأكمله للتعاون والتضامن في مواجهة الأزمات الإنسانية. تُظهر هذه الدعوة أهمية الوقوف معًا لدعم القيم الأساسية للعدالة وحقوق الإنسان، وكيف يمكن للتضامن الدولي أن يسهم في إحداث تغيير إيجابي.

يُعد الدور الذي تلعبه جنوب أفريقيا في قضية غزة مثالاً حيًا على كيفية تأثير الدول في السياسة العالمية من أجل الخير. من خلال الدعوة للعدالة والتحرك السريع، تساهم جنوب أفريقيا في رسم مسار نحو عالم يسوده السلام والعدالة للجميع. وبذلك، تستمر في كونها مصدر إلهام للدول الأخرى للانضمام إلى هذا الجهد والعمل معًا من أجل مستقبل أفضل.

من الناحية الرمزية، فإن أول انتصار قانوني يجب أن يتوج جهود جنوب إفريقيا هو إقناع المحكمة بسلطتها للنظر في القضية. وبالنظر إلى أن الكيان الإسرائيلي يُعتبر من أكثر مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية في العصر الحديث، وأكثر المتهمين غيابًا عن المثول أمام المحاكم الدولية، فإن مجرد استغلال المنبر والحديث عن جرائم الاحتلال في حضوره كمدعى عليه يُعد انتصارًا سياسيًا يستحق الإشادة.

ومع ذلك، فإن نجاح القضية لا يتوقف على قدرة جنوب أفريقيا على إثبات جرائم الإبادة الجماعية بقدر ما يعتمد على وجود إرادة حرة ونزيهة خالية من أي تصورات ذاتية لدى قضاة المحكمة حول الصراع وأطرافه، خاصة وأن المحاكمة تتعلق بالحكم على سياسات الدول وليس فقط على الأفعال التي يرتكبها الأفراد، مما قد يؤثر الاعتبارات السياسية على الاعتبارات القانونية.

وهنا نشير إلى أن رد دولة الاحتلال كان أضعف من المتوقع. هذه البداية والدعوى تحتاج إلى دراسة قانونية وتحليل. لكن باللغة القانونية نقول إن دولة جنوب أفريقيا، مشكورةً، قدمت دعوى وبينات وإدله ومرافعات قانونية محكمة، حظيت بشهادة معظم المحامين الدوليين.

ولا يمكن إلا أن تقبل المحكمة الدعوى وتوافق على الطلبات المقدمة من جنوب أفريقيا، وخاصة طلب وقف الأعمال العدائية. وهنا أدعو حركة حماس إلى قبول وقف الأعمال العسكرية في حال اتخاذ المحكمة هذا القرار، حتى لا تتذرع قوات الاحتلال بعدم التزام حماس.

مع انطلاق جلسات محكمة العدل الدولية، بدأت معركة قانونية، بحسب رأيي، سوف تحسم المعركة العسكرية... وتخسر دولة الاحتلال. العدالة والنصر لفلسطين.

* باحث أكاديمي في القانون الدولي العام / جامعة العلوم التطبيقية الخاصة