صهيل القوافي/ للشاعر أنور القريوتي
علي القيسي
11-01-2024 05:14 PM
قراءة نقدية
الشعر ديوان العرب في الماضي والحاضر والمستقبل ،وخصوصا الشعر التقليدي التراثي ، شعر العرب في الجاهلية وما بعدها إلى يومنا هذا ، فالشعر له قواعد ونظام لايمكن الخروج عليها ، وأهمها الوزن والقافية ، وجوهر القصيدة العمودية البحور والعمل بها ، ويعود تاريخ البحور الشعرية إلى العالم الشهير أحمد خليل الفراهيدي ،
من هنا نعود إلى ديوان صهيل القوافي للشاعر أنور القريوتي ، فهذا الديوان هو مجموعة من القصائد التي رأى فيها شاعرنا التميز والإبداع ، والتي رصعت كنجمات متلألأت صفحات هذا الديوان ، فكل قصيدة لها خصوصية ونكهة ومعنى ، أرادها الشاعر أن تكون الأفضل والأجمل ،وعادة ما يختار المبدع عند طباعة أي كتاب أجمل ماعنده ، لكي يقدم للمتلقي مايسره ويعجبه ويشوقه ، فالقصائد في هذا الديوان زاخرة باللغة والبلاغة والمعاني وللمناسبات الخالدة ، كيف لا والشاعر مفعم بالوطنية والانتماء والولاء ، إلى القيادة الهاشمية وألى الوطن الأردني الذي يعيش على ترابه الطهور معززا ومكرما ،،فالثورة العربية الكبرى ، لها معان سامية في ضمير ووجدان الشاعر القريوتي والتي حررت العرب من ربقة الاحتلال العثماني التركي ، وجعلت للأمة العربية مكانا محمودا تحت الشمس ،
فهذه الأمة ينبغي أن تكون خير أمة أخرجت للناس ،وتكون حرة كريمة بين أمم وشعوب الأرض ،
ومن تلك القصائد التغني بعيد الجلوس الملكي وعيد الاستقلال ، فهذا يدلل على أن الشاعر ينتمي إلى أسرته الأردنية وإلى وطنه الأردن وإلى الولاء ألى القيادة الهاشمية التي مافتئت الدفاع عن فلسطين والقدس منذ الحسين بن علي مسرورا بكل ملوك بني هاشم حتى جلالة الملك عبد الله الثاني ،
يقول الشاعر
ولقد اتينا للخلافة طاعة
لنبينا ورسالة القرآن
ويقول ؛
لافرق بين قبيلة وقبيلة
تسقى الجداول من ربى عمان
فالشاعر القريوتي يعتز بالخلافة الإسلامية ، والدين الإسلامي الحنيف والذي جاء في هذه الأبيات وهذا شيء يعتز به كل مسلم ، وأيضا يذكر في قصيدته الجلوس الملكي
ومدى حبه لهذه المناسبة ولصاحبها جلالة الملك عبد الله
يشدو بعزك شاعر وزمام
ولك السواعد راية وحسام
ويمضي بنا القريوتي ألى آفاق أخرى في الشعر المرهف والوجداني ، فللحب والغزل نصيب ، وللمرأة منزلة ومقام وسمو ، فالجمال هو الجمال ولا يمكن لشاعر أن يتجاهل إمرأة جميلة أو فتاة تراها عيناه ، فالشعر والحب والغزل هي من محركات العمل الوجداني لولادة القصيدة ، فلا نتخيل الشعر دون هذه المفردات الثلاث ،
حيث يقول في قصيدة (أبحرت في عينيك)
رأيت فاتنة بل أنت جوهرة
تحت العباءة مكنون خوافيها
الوجه كالبدر ذابت في ابتسامته
هذي الأنوثة في أبهى معانيها
من هنا فديوان صهيل القوافي ، ديوان يتضمن العديد من العناوين البارزة ، والعتبات اللافتة ، كما أن العتبة الأولى هي في الغلاف الجميل ( صهيل القوافي) فهنا دلالة واضحة في العنوان ،، فكلمة صهيل إشارة إلى الخيل ، وكما هو معروف في التراث ماذا تعني الخيل ،، فالشعراء الأوائل منذ زمن الجاهلية وما بعد الإسلام ،،ذكروا في قصائدهم الخيل وقيمتها ورمزيتها في المعارك والغزوات ،، وفي الشعر فهي رفيقة الشعراء والعرب في حلهم وترحالهم
فالمتبي ذكر الخيل والسيف والبيداء والليل
الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فعتبة النص هنا متميزة ، واختارها الشاعر للفخر والمجد والرجولة ، من خيل وصهيل وأجواء الصحراء والبدواة والشجاعدة والكرم ، وهذا كلها يتناغم مع بئية الشعر والشعراء ،وينسجم مع مضمون تلك القصائد في داخل الديوان وهي ، الثورة العربية ،يوم الاستقلال ، ساحات السجال ، أنا فارس ، صحراء دبي ،هذا حصانك ، الجرح الفلسطيني
وفي النهاية لابد لي من الاشارة الى الفنية والبلاغية في تلك القصائد ، والصور الشعرية ، والعاطفة الصادقة والإحساس العميق ، فأدوات الشاعر سليمة وذوقه رفيع ، ويكيل في هذا الديوان إلى المعاني الفاضلة ،والقيم النبيلة ، ونوازع الورع والتقوى ، والمحبة والسلام مع الذات ومع الآخرين.