خزعبلات في اجواء الانتخابات ؟
ايمن خطاب
30-07-2007 03:00 AM
الخميس الماضي ، كانت محطتي عقب نهاية اسبوع ، اربد ، في زيارة اعتيادية اسبوعية لمنزل " الحجة " وفي سياق السؤال الاردني في كل مكان للغائب ، "شو في ما في ؟؟ امطرت حجتي بعد استهلال الاطمئنان عن صحتها بالتساؤل المشار اليه ؟؟ فكانت اجابتها حول قصة ابي ابراهيم والانتخابات وخوضها ، لكن للامانة لم تكن اجابتها بداية تنطوي على معلومة مفيدة لي ، اذ ان ابا ابراهيم حالة طبيعية ان يخوض اي انتخابات كانت ، سواء بلدية او نيابية او حتى اتحاد المراة الاردنية !! وبغض النظر عن النتيجة ، لانه ببساطة شخصية نذرت نفسها للعمل العام اولا واخيرا !! وباتت الانتنخابات جزءا من قاموس حياته .لكن استدراك الحجة الجديد الذي كان جاذبا لي على صعيد الحديث ، انها اعتادت كل انتخابات لاعتبارات نسب وقربى وجوار ، وتزكية من ام قاسم في الحي الشرقي ، ان تنتخب ابو علي وابو قاسم وابو احمد وام رائد في سياق دعم المراة واهدافها ، وتطول القائمة حتى عشرة اسماء ، لكنها هذه المرة واقعة في الحرج ، الذي فرضه " الغوراني نادر الظهيرات " والمفردة او الاصطلاح للحاجة ام ايمن لا لايمن خطاب ، درءا للمساءلة القانونية طبعا .
ما ينغص على الحجة ان المنطقة التي تقطنها فيها اربعة مرشيحين ، مفروض عليها اختيار احدهم ، وهي في حيرة من امرها ، فجميعهم " اولاد عالم وناس وماشاالله عليهم اللي بنتخاه بدّوخ تا تلاقيه " لكن مقتضيات الحال وحكم الجوار تفرض الاختيار .
تقول حاجتي " زمان كنا نصوت لعشرة ، ورئيس " وهسع مين بدك ترضي تا ترضي " سعيت بالطبع الى تبني وجهة نظر حكومية حيال هكذا تشريع ، وان في التصويت لعضو في المنطقة مساواة وعدل مع مناطق اخرى حرمها النظام السابق ، وفق تكتلات وتحزبات من ايصال من يسمع صوتها ، كانت اجابتها " اي هو بطلع لحارة ام محمد اللي ما فيها الفين شلعوط يكونلهم عضو وحارتنا اللي فيها 70 الف بني ادم عضو ؟؟
وقفت حائرا امام اجابتها وسعيت الى تحويل مجرى الحديث الى شان اخر ، كطبخة نهاية الاسبوع ، وماذا اعدت ، ففي ذلك جدوى تجنبني حرجها ، لكن بينما شرعت هي في تجهيز الطبيخ رحت اتامل بالانتخابات التي نحن على ابوابها فماذا كانت الحصيلة ؟؟
الذهنية ذهبت بي الى افاقة وعي على انتخابات بلدية اربد ، بدايات تسعينات القرن الماضي ، كانت حمى التنافس في تصاعد ، وطبعا الاسلاميون في صف والاصلاحيون في صف اخر ، والمصطلح الاول معروف ، لكن الثاني كان على الدوام متنوع فهو يساري وعشائري ونسائي ونهضوي وقومي واقليمي وجهوي وربما اكثر من ذلك ، لكن كلمة حق تقال ان الصراع انذاك كان يضفي على المدينة جوا انتخابيا ، نكهته جاذبة ومعه تعي مدلولات الديمقراطية ، وفي كل صراع كان يتجدد كل بضعة سنوات ، لا بد ان تكتشف في الممارسة ومراقبتها ومتابعتها شيئا جديدا .
انذاك كان عصر القوائم ، وعصر الفكر ، حتى لو اختزل في تعبيد شارع ، او التفكير المجهد في الية تنظيف مدينة ، او ازالة انقاض ، وعماده كان ايصال رسالة مفادها ، اي الاتجاهات افضل ، حتى لو كان نشاطها غايتها تدارس اليات جمع النفاية وفق نظم وقواعد وتعليمات ، فهو – اي النشاط - كان كفيلا في تحديد الاتجاه الذي يمكن للمرء ان يسير فيه ، ولمن يمنح الصوت ، طبعا وفق منظومة اعتماد الخبرات السابقة والتجارب حيال وجوه الخير ، الذين اكتست المدينة بصورهم وشعاراتهم ، واربد بالمناسبة شهيرة بمعاقبة من لم يكن مرضيا لاهلها في هذا الشان ، فهي وان كانت تعد معقلا للحركة الاسلامية ، الا انها عاقبتها ذات انتخابات ، واتت " ببلوك " متكامل من الاصلاحيين وانتماءاتهم ، وعادت ايضا وعاقبت اصحاب منهج الاصلاح ، تبعا لمجريات المنجز وما وصل اليه .
انذاك كنا نعيش الصراع ونتخيل انفسنا اطرافا فيه فالرئيس " انا " والعضو " انت " ، " والحجة " ممثلة القطاع النسائي وهكذا ، ترى ما الذي تبدل والى اين ذهبنا ؟؟
ذات اجتهاد تجزم القطاعات كافة ، انه لم يكن صائبا عنوانه ان التعيين اجدى من الانتخاب ، وسيقت المبررات والحجج لجدواه وموجباته وضروراته ، مرت التجربة ، لياتي ديوان المحاسبة ، وليس حكم الجماهير ليقول لنا انها تجربة فاشلة واعتقدنا ان العودة ستكون للمربع الاول ، لنعيش صراعات القوائم وبرامجها مجددا ، لنكتشف ان المشرع بدفع من حكومة ، ونواب لهم مصالح ، وضعونا في دائرة ، مطلوب الينا ان نضع في احدى زواياها شيئا ما ، ونجهد لنقنع اصحاب الحل والعقد ان الدائرة لا زواية فيها ، لانها ببساطة مستديرة ، فلا يجيبونا بل يزدادون اصرارا على الطلب ، وقد يعتب النواب والحكومة ، لكن كيف لنا ان نفسر حالة لواء فيه من السكان قرابة 70 الف نسمة وفيه خمس بلديات ، وبذات الوقت نظيره وفيه اكثر من 80 الفا لا توجد فيه اي بلدية والحديث عن لواء اسمه بني عبيد طبعا !!
على اية حال ، مطلوب الينا الان الاسهام في اختيار رئيس بلدية ، واختيار عضو من بين 29 عضوا في اربد ، وفق قاعدة اختيار الافضل ، والحكومة تحضنا على اختيار الافضل ، والتفلزيون الاردني برسائل العم غافل يقدم وجبة ساذجة ومنفرة يوميا تحظنا على اختيار الافضل ، وشيخ المسجد بتعليمات مدير الاوقاف يحظنا على اختيار الافضل ، نمعن التفكير في الدعوة فتكتشف ان الاردن فيه 12 محافظة وكل محافظة فيها الوية واقضية ونواحي ومؤسسات مجتمع مدني من نقابات واتحادات نسائية ورجالية ، وربما لمثيلي الجنس ، زعاماتها وقيادتها افترضت في ذاتها صفوة ونخبة اجتماعية ، وباتت تحظنا على اختيار الافضل ، حتى مجلس النقباء او مجلس قيادة الثورة النقابية ، وان توصل لقناعة التعيين في لجانه ، يحظنا على اختيار الافضل في البلديات ، نتساءل في خضم الدعوات ، هل اصحابها هم من قائمة الافضل والاصلح ؟؟ حتى يروجوا علينا منهج الصلاح والفلاح ، واختيار الافضل ؟ وان كانوا كذلك ، لماذا ادخل اطفال المنشية الى المستشفيات ؟؟ حتما نصاب بحالة ارتباك تعيدنا لمربع من هو الافضل !!
في خضم التفكير بالافضل ، واثناء ما كنت مستغرقا في ادوات واليات الاختيار ، اطبقت " الحجة " على حبل افكاري وقطعته ، لتقدم لي طبقا من مرق العدس ، مرفقا باعتذار ، انها اعتادت ان تراني صبيحة الجمعة ، يوم الدسم العائلي الافضل ، وان زيارتي الخميسية جاءتها مفاجأة ، فاستردكت وقطعت جمل اعتذاراتها لاقول "ومالو العدس والله انو الافضل !!
Ayman65jor@yahoo.com