facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قراءة في كتاب "حواديث الطيبة .. "


د. نزار جمال حداد
09-01-2024 06:08 PM

**قراءة في كتاب "حواديث الطيبة - حكايا وأحداث تاريخية واجتماعية وتوثيقية للعائلات المسيحية التي كانت تسكن الطيبة"

كتابٌ يُعانِقُ تُرابَ قريَةِ الطّيبة؛ لا بَلْ يَنْبجِسُ من مَساماتِهِ كشُعاعِ نُورٍ مُعانِقاً الذّاكِرَةَ المَحْكِيّةَ وبعضَ المُوَثّقِ مِنْها، يَعُجُّ بِحِكاياتِ العائِلاتِ التي قَطَنَتِ الطّيبة التي لأَهلِها مِن اسمِها كلُّ النّصيبِ.

قِصَصٌ تُرْوَى وتُدَوِّنُ نَسيجاً مُجْتَمَعيّاً فَرِيداً بينَ العَشائرِ المَسيحيّةِ والمُسلِمَةِ؛ فلا تَجدُ حدّاً فاصِلاً بينَ حَكايا عشائِرِ "حدّاد" و"العَلاونة" و"القرعان" و"أبو اللّيل" وغيرها، وتَصِفُ اللُّحْمَةَ المُجْتمعِيّةَ والنّخْوَةَ العُرُوبِيّةَ واستقبالَ الطّيبة عقبَ النّكبةِ لعائِلاتِ "أبو الهيْجاء" و"أيّوب" و"أبو الرُّب". ويُعرِّجُ قليلاً على الجُغرافيا المُحيطةِ لمَناطِقِ "ابسر أبو علي" و"مندح" و"صما" وغيرِها، ويسْتحْضِرُ كلِماتٍ أكادُ أجْزمُ أنّها إنْ لمْ تُوَثَّق سَتَنْدَثِرُ.

ويمُرُّ على سعيد حدّاد الذي كانَ يقرأُ اللحان المولد لإخْوَتِهِ المُسلِمينَ لأنّه كانَ منَ القَلِيلينَ القادِرِينَ على القِراءةِ في حِينهِا، وتارةً يُعَرِّجُ على طُرْفةِ إصْرارِ شيُوخِ "العلاونة" و"القرعان" على زِيجَةٍ ثانيةٍ لسعيد حدّاد رُغْمَ أنفهِ لأنّهُ لم يكُنْ لديْهِ في حينِها أبْناءٌ، وتغْشى منَ الضّحِكِ وأنتَ تقْرأُ طُرَفَ الخوريّ سليم حدّاد معَ القاضِي الشرْعِيِّ والمُختارِ وديكِ الحَجَل، وانْفِتاحَ الخوري سليم حدّاد وحواراتِه مع القسّ وتمن.

وتَضْحياتِ الدكتور مكلين وزَوْجتِهِ فِي تأْسِيسِ مُستشفىً في عَجْلُون سُمّي بعْدَها بالمَعْمَدانيّ، وأسْماهُ الرّاحلُ الكبيرُ الملِكُ الحُسين عِنْدَ انْتقالِ إدارَتِهِ إلَى وزارةِ الصّحةِ بمُستشفى الإيمان تقْدِيراً لجُهُودِ مَنْ بادَرُوا بتأسِيسِهِ وتشْغِيلِه. ومِن ثمّ حَفاوةَ استِقْبالِ "العلاونة" و"القرعان" و"آل حدّاد" عند فَتْحِهِما مُستشفىً في الطّيبة، وشغفَ زوجةِ مكلين المُنْحَدِرَةِ مِن عائِلة "لُوردات" أن تُقدّمَ العِلاجَ مجّاناً للمُحْتاجِينَ بصَرْفِ النّظرِ عَن خَلفِيّتِهِمُ العَشائِريّةِ والدّينيةِ والسِّياسيّةِ، وقد حَظِيَ كِلاهُما بالاحْتِرامِ تقْدِيراً لجُهُودِهِما من المُجتمعِ وعدمِ تعرُّضِ خِدْمَتِهِما لأيِّ أذىً حتّى أثناءَ المُظاهَراتِ التي كانتْ تجُوبُ الشّوارعَ في الخَمْسينيّاتِ. وطاحونَةَ وادي الطّيبة لسعيد حدّاد وفصاحَةَ الشّاعرِ الأمّي سعود حدّاد التي حرّكَت الشيخ كليب الشريدة ليرُدَّ الضّيم عن سعيد، ومُرُوءَةَ الحاجّ محمّد الباتع العلاونة وفَزْعَتَهُ في فَجيعَةِ وَفاةِ جَمال الخُوري حدّاد.

كتابٌ يخطِفُكَ بسَلاسَتِهِ وصِدْقِهِ وبَساطَتِهِ، يسْتحضِرُ عبَقَ الماضِي ويؤَصِّلُ للعَلاقةِ الاجْتماعيّةِ المُميّزةِ للمُجْتمعِ الأرْدُنيّ، وكأَنّ الكَاتبَ يَنْسِجُ خَيْطاً ذَهَبيّاً بيْنَ دفّتَيِ الكِتابِ يقُولُ فيهِ أنّ الأرْدُنَّ الذي نَفْتخِرُ ونَعتزُّ بهِ لوْحةٌ تَجْمَعُ ولا تُفَرِّقُ؛ بلَدٌ يَحْنُو ولا يَنْحَنِي، لا مكانَ فيهِ للبَغْضاءِ، بلدٌ غيرُ قابلٍ للقِسمةِ إلّا على واحدٍ وهُوَ المُواطَنَةُ، يَحْترِمُ الخُصُوصيّاتِ ويَعْضُدُها.

كلُّ الشكرِ للمؤلف "أكمل كمال خوري حدّاد" على هذه الهديّةِ التي ما لَبِثْتُ أنِ التَقَفْتُها حتّى أنْهَيْتُ قِراءَتَها، فُدُمْتُم ودامَ العَطاءُ.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :