لا أفهم بعد ما هو المقصود من مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لكن ببساطة إن كانت تعني دخول القطاع الخاص في مشروع تطرحه الحكومة وتساهم به بنسبة لمنحه مصداقية التنفيذ فلا بأس.
من بين اساليب الشراكة أسلوب الـ BOT البناء والتشغيل وإعادة الملكية, فها هو مطار الملكة علياء الدولي مثال ناجح.
وإن كان الأسلوب يقوم على تفويض أراض أو بأجور وانشاء مشاريع عليها فلا بأس، وإن كان على طريقة التأجير الذي يفضي إلى ملكية فلا بأس، وإن كان بالبيع فلا بأس أيضاً.
هناك فرص مهدورة فحين تشاهد ذلك بوضوح في قطاع المشاريع السياحية في البحر الميت وفي العقبة وعجلون وجرش ووادي رم والبترا.. هذا ليس بيت القصيد فاحداث التنمية لها طرائق عديدة وما يبقى هو الإرادة للتنفيذ.
لا زلنا نستوحي من كتب التاريخ وكثير من المسؤولين يرددون عبارات من بطون الكتب، علنا نراها يوماً ما حاضرة من مثل أن الطريق هو التنمية وهذا صحيح، انظر إلى الطرق الرئيسية التي عبدت وكيف آلاف الناس حولوها عمراناً للسكن أو التجارة والترفيه.
ثمة مشاريع ناقصة في الطرق والمقصود في الطريق ليس ذلك الإسفلت الأسود الممتد مثل أفعى سوداء في عمق الصحراء بل بوسائط اجتيازك ويسر الوصول إليه واجتيازه، ومالي ومال الطريق إن لم نجد له وسيلة نقل مريحة تختصر الوقت والأعمال، ومن هنا اخترعت البشرية وسائط تطورت مع الزمن بين الحافلات وقطارات البخار والقطارات الكهربائية واخرى ذات السرعات الفائقة، وهي التي جعلت موظفاً يُقيم على بعد ٥٠٠ كيلو متر عن عمله يصل إليه في الموعد المحدد بقليل من الوقت.
هذا الموظف لم يبحث عن سكن في المدينة قريباً من عمله، ولم يضطر لنقل أطفاله إلى مدرسة قريبة بتكلفة أعلى، ولم يضطر للاستشفاء في مستشفى مكلف في المدينة، ولأن وسيلة النقل أبقته في مكان سكناه تبعته المدرسة ولحق به المستشفى واقتفت أثره العمارات.
إن لم يفعل الطريق ذلك كله فلا فائدة منه.
ماذا لو أن قطاراً سريعاً يقطع المسافة من إربد مروراً بكل المدن شمالاً وعمان مرورا بكل المدن جنوباً إلى العقبة بسرعة كبيرة كتلك القطارات التي تدهشنا رؤيتها في أوروبا والصين واليابان.. هل سيضطر ابن القرية أو المدينة في أطراف البلاد شمالاً أو جنوباً إلى التكدس في عمان، ويستصعب طالب الترفيه قطع المسافة بأربع ساعات إلى العقبة أو إلى البترا، هل يمكن أن نتخيل كيف ستكون السياحة؟ هل يمكن أن نتخيل كيف ستزدهر المدن على أطراف البلاد؟.
حتى اللحظة كنت ولا زلت مندهشاً إذ كيف لم تفكر حكومة ما في زمن ما في استثمار تلك الحركة ذات الجدوى الاقتصادية بين الدوار السابع ومطار الملكة علياء الدولي، وتحديدا قاعة المغادرين بقطار خفيف على جانب الطريق الذي انفقت لتحسينه ملايين الدنانير؟.
ليس مهماً أن تنشئ طريقاً جيداً بل المهم ماذا يمكن أن يفعل هذا الطريق في مسار التنمية؟!!
الرأي