"حيثما يكون الجرح نكون " ، باختصار ، هذه هي الهيئة الخيرية الاردنية الهاشمية- المؤسسة الوطنية العريقة التي قامت على القيم النبيلة في ترسيخ معاني الخير والعدالة والتكافل، ومد يد العون ، وتضميد الجراح وطنيا وعربيا ودوليا . وهي تستمد رؤيتها في العمل الخيري الإغاثي والتعاوني من منظومة قيم شعبنا وموروثه الإجتماعي ورسالة قيادته الهاشمية الانسانية والتاريخية .

لقد تمكنت هذه المؤسسة الرائدة، ومنذ انشائها قبل ثلاثة عقود ونيف ، من إرساء قواعد راسخة في العمل الإغاثي والخيري والتطوعي التعاوني ، ونجحت ، إلى حد كبير في احتضان جهود الجهات الهادفة إلى تقديم الدعم للمحتاجين إليه ،داخل الأردن وخارجه ، وأصبحت، وبحق ، عنوانا بارزا وقصة نجاح تحتدى في مجالات الإغاثة والتنمية والتمكين على طريق تحقيق حياة كريمة للفرد والأسرة ، ضمن مفهوم المسؤولية المجتمعية. ولم يقتصر هذا الدور المشهود على الفضاء الوطني ، والذي غطت برامجه ومشاريعه مختلف الاحتياجات الغذائية والايوائية ، وكفالة الأيتام، والدعم في المجالات التعليمية والصحية وغيرها ، والتي تميزت بالديمومة والشمولية ، إضافة إلى برامج التدريب والتأهيل لغايات التشغيل، وبخاصة ما يخدم الفئات الهشة اجتماعيا واقتصاديا ، دونما تمييز بين مواطن ولاجىء. كما توسع هذا الدور ليشمل مفهوم التكافل الإنساني العالمي في تقديم المساعدات الطارئة والاغاثية للمنكوبين والمحتاجين في مختلف بقاع الأرض ، وكانت ولا زالت ، ذراع الدولة الأردنية للاغاثة الإنسانية.

وهنا لا بد من التأكيد على أن فلسطين ، وبتوجيهات مباشرة ومتابعة مستمرة من القيادة الهاشمية ، ظلت المحور الرئيس في جهود الهيئة الموصولة لتقديم كل ما تستطيع لدعم الأهل في غزة والضفة الغربية، من خلال التعاون المباشر مع مركز التنسيق المدني العسكري للشؤون الإنسانية في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي، والهيئات الرسمية والشعبية في فلسطين ، لإيصال قوافل الخير ، التي تحمل المساعدات الإغاثية ، إضافة إلى برامج الدعم الإنسانية والاجتماعية والتعليمية والصحية والتكافلية المتنوعة الأخرى.

وفيما يخص الجهود منذ بداية العدوان الاسرائيلي على الأهل في غزة ، فقد شكلت الهيئة جسر عبور واغاثة للأشقاء في فلسطين للمساعدة في مواجهة الكارثة الإنسانية التي سببها هذا العدوان الهمجي ، لعبت ، ولا تزال ، دورا تنسيقيا هاما لإيصال المساعدات المحلية ومن الدول العربية والإسلامية والجهات الأممية. فحسب امينها العام الدكتور حسين الشبلي ، قامت الهيئة بإرسال 25 طائرة و 8 انزالات جوية ( وتاسعها الإنزال الاردني-الفرنسي قبل أيام )، و 133 شاحنة مساعدات اغانية وطبية إلى غزة .

والهيئة مستمرة بإرسال المساعدات بكل الطرق الممكنة المتوفرة ، إضافة إلى التنسيق مع المنظمات الإنسانية، حيث تم إرسال 25 شاحنة ، والمشاركة مع مجموعة من الهيئات والمنظمات الأممية، وسبقها ارسال طائرة إلى معبر رفح.ليبقى التحدي الأهم في فتح المزيد من المعابر مع قطاع غزة ،والتنسيق مع الاهل في الداخل لديمومة إيصال اكبر قدر ممكن من المساعدات .والجهود متواصلة مع الجهات الدولية لتنفيذ عمليات إغاثة واسعة للأهل في غزة ، وبشكل خاص لمناطق شمال القطاع لاغاثتهم ودعم صمودهم على أرضهم، على الرغم من العقبات الهائلة التي تضعها دولة الاحتلال، وممارسات المماطلة والمراوغة لاعاقة نقل المساعدات ، وسيستمر الأردن في بذل كل الجهود في هذا الاتجاه ، حيث استطاع تنسيق وترتيب اللوجستيات اللازمة مع المنظمات الدولية لشراء وإرسال كميات كبيرة من المواد الإغاثية إلى غزة من الأراضي الأردنية.
وهنا أيضا ، لا بد من التأكيد على الدور المشرف والحيوي الذي تقوم به قواتنا المسلحة الباسلة، بتوجيهات مباشرة من جلالة القائد الأعلى ، ومتابعة متواصلة ومشاركة ميدانية استثنائية شجاعة من قبل سمو ولي العهد ،من جهود اغاثية جبارة للأهل في غزة . وتبقى المستشفيات الميدانية( 1 و 2 في غزة وخان يونس) ، وما وما تقدمة من خدمات طبية لالاف المصابين والمرضى ، في ظروف بالغة الصعوبة والخطورة (حيث تعرض للإصابة العديد من كوادرها الشجعان)، لدليل على عمق العلاقة الأخوية التي تربط بين الشعبين التوأمين :الاردني والفلسطيني. مع ضرورة الإشارة إلى ان المستشفى الميداني الاردني 1 كان قد انشىء في غزة منذ بداية العدوان الاسرائيلي على غزة 2008/2009 ، ويستقبل من 1000 إلى 1200 مراجع يوميا ، وأجرى آلاف العمليات الجراحية ، ويدار من قبل فرق طبية وفنية وإدارية تبدل كل ثلاثة أشهر بفريق جديد، كما يزود مع بداية كل مهمة بالمستلزمات الطيبة والعلاجية لإدامة عمله مهما كانت الظروف، وآخرها الإنزالات الجوية النوعية ، التي نفذتها طائرات سلاح الجو الملكي ونسورها الأبطال.

وأخيرا، فإن بلدنا سيستمر في بذل كل ما يستطيع من جهود للوقف الكامل للعدوان الاسرائيلي على غزة ،وحشد الطاقات والامكانات محليا وعربيا ودوليا لتقديم المساعدات الإغاثية للأهل في فلسطين ، ولن تثنيه عن هذه الأهداف النبيلة المعيقات والصعوبات مهما كانت، انطلاقا من طبيعة علاقته الاخوية الخاصة مع شقيقه الفلسطيني . اما الهيئة الخيرية الهاشمية فستبقى الجهة الوطنية التي امتلكت، من خلال عملها المشهود، الخبرة والتجربة والمصداقية لإيصال المساعدات الإغاثية إلى مستحقيها ، بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية والشركاء، وفي مقدمتهم قواتنا المسلحة الباسلة .

هذه هي الحقيقة التي ستبقى ساطعة كالشمس حول مواقف الأردن قيادة وشعبا، مهما حاول بعض المغرضين ، الحاقدين او الحاسدين ، انكارها او التقليل من شأنها . فنحن مرتاحون لما نقدمه من واجب تجاه أهلنا، ولن يهدأ لنا بال حتى زوال الاحتلال الاسرائيلي وحصول شعبنا الفلسطيني على حقوقه المشروعة في الحرية وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني .