ارجوك ان تسامحيني اذا غبت عنك مجبرا شهور الحرب، فأنت خير من يعلم معنى الحرب وويالتها.
وليو تولستوي يقبع بداخلك برائعته الحرب والسالم، كيف لا وقد راجعنا مرارا وتكرارا مسرحية الم شجاعة واولدها التي قررت يوما ان اخرجها للمسرح.
أنا لن اخاف عليك من اهوال الحرب، وقد بت تملكين شجاعة واستبسال الأم في الدفاع عن ابنائها. فأعتبري أن كل تلك الكتب والمسرحيات ، ابناءك الذين تحرسينهم.
مكتبتي الحبيبة، تعلمين ان الكهرباء مقطوعة عن اهلي. ولا يوجد اي نوع من المحروقات لدى الناس لتطهو الطعام ، وتخبز خبزها. اعلم ان الناس تبحث عن قطعة خشب، او ورقة كرتون كالباحث عن ابرة في كومة قش.
ارجوك ان تسمحي للناس بأخذ ما يشاؤون من الكتب اذا كانت سوف تنقذ حياتهم ليطعموا أطفالهم. أعلم ان اصدقائي الكتاب وهبوا انفسهم من أجل الآخرين. فأصدقائي تشيخوف، والبير كامو، وجان بول سارتر، وجان جينيه، وشكسبير، ومحمود درويش، وسميح القاسم، وغنام غنام، والفريد فرج، وعاطف ابو سيف، والماغوط، وسعدهللا ونوس، وستانسالفسكي، و أوغستو بوال، وكل العظماء القابعين فوق رفوفك، يسعدهم ان يكونوا شموعا تحترق من أجل اسعاد الخرين. لكن والحديث بيننا ، هؤلاء أكبر وأكثر قيمة من بضعة وريقات
محفوظين عليها؛ فالعالم وأنا نحفظ ما سطروه بقلوبنا قبل عقولنا. لذلك لا أخاف على مكتبتي، ولكن كل خوفي على الانسان الذي وجدت الكتب من أجل تطوره.
مكتبتي الغالية، انت غالية فعال، فلا أنسى يوم ذهبت الى القاهرة سنة ١٩٩٣ للمشاركة بمهرجان القاهرة لعروض المسرح العربي، وعاد كل زمالئي محملين بالهدايا لعائالتهم، وانا عدت بحقيبة من النوع الكبير، محملة عن آخرها بأشهى انواع الكتب الخاصة بالمسرح. كان وزنها ثقيل والسفر شاق، وعند عودتي جاءت زوجتي وابنائي ليستلموا هداياهم، فوجدوا ستانسالفسكي يبتسم لهم ويقول: "سامحوني واغفروا لهذا المجنون العاشق للمسرح."
مكتبتي الحبيبة، انتظريني، قريب سأعود اليك نسهر حتى الفجر، نبحر في النفوس البشرية، في جمال وغرابة وروعة وعظمة الكتاب العالم، وفي سحر وجمال الكلمات..