في ظل الأحداث الجارية التي تشهدها المنطقة العربية والعالم، شكّل "المنتدى الاستراتيجي العربي" الذي عقد يوم أمس في دبي، منصة مهمة لمناقشة هذه التحولات. الفعالية التي شهدت حضور شخصيات مرموقة مثل سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وسمو الأمير تركي الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود، تناولت مجموعة من الموضوعات البالغة الأهمية تتعلق بالسياق العربي والعالمي.

تم التركيز في المؤتمر على ثلاث تحولات رئيسية تسهم في تشكيل المشهد الاستراتيجي الحالي للمنطقة والعالم. البداية كانت مع التطورات الجديدة في القضية الفلسطينية، خاصة الأحداث الأخيرة في غزة، والتي أُبرزت ككارثة إنسانية ذات أبعاد فكرية ودبلوماسية على الصعيد العالمي، مشددًا على دور الإعلام في تشكيل الرأي العام والمواقف الدولية.

ثم تطرق المنتدى إلى الدور المتزايد والحيوي لدول الخليج، التي أصبحت تشكل قوة اقتصادية كبرى وشريكًا مؤثرًا في الساحة الدولية. هذا التطور يعكس تغيرًا جوهريًا في ديناميكيات القوى على المستوى العالمي.

وفيما يتعلق بالاستقطابات الفكرية، الدينية، السياسية، والاجتماعية، فقد أُبرزت كعنصر يعكس التعقيدات المتزايدة في العلاقات الدولية والصراعات الراهنة، التي تجد جذورها في التنوع الأيديولوجي والمصالح المتباينة.

تمت الإشارة إلى أن الحرب في غزة تثير أسئلة جوهرية بشأن مستقبل السلام والنزاع في المنطقة، ما يحتم الحاجة إلى التأمل والتفكير العميق في هذا السياق.

كما تم التأكيد على أن الحرب قد أحدثت تغييرات جذرية في المنطقة، مع استمرار القضية الفلسطينية في أن تكون محورًا ساخنًا ومعقدًا على الصعيد العالمي. وأشار المنتدى كذلك إلى أن الساحة الدولية تشهد تغيرات وتحالفات جديدة تتجاوز الأنماط التقليدية.

وقد أصدر المنتدى الاستراتيجي العربي تقرير يسلط الضوء على خمسة دوافع رئيسية تُشكل المخاطر والفرص في العالم العربي خلال السنوات الخمس القادمة. هذه الدوافع تعكس التحديات والفرص التي يواجهها العالم العربي في سياق دولي متغير، وتشمل:

1. التكيف من أجل الازدهار: يُركز هذا العامل على الحاجة الملحة لتحديد دور العالم العربي في إطار النظام العالمي الجديد والمتطور.
2. رمال متحركة: يُشير إلى الديناميكيات المستمرة للتحالفات والمنافسات السياسية الإقليمية وكيفية تأثيرها على إعادة تشكيل المشهد السياسي في المنطقة.
3. صراع القديم والجديد: يُلقي الضوء على كيفية تعامل العالم العربي مع نزاعاته الداخلية وإيجاد حلول ذاتية لها.
4. قيادة التحول الاقتصادي: يركز على أهمية تولي زمام القيادة في مجال التنويع الاقتصادي وقيادة الانتقال نحو مصادر الطاقة المتجددة والمستدامة.
5. فرص وتحديات جديدة: يتناول التوجهات المستقبلية للنمو الاقتصادي بعد العام 2024، مستشرفًا الفرص والتحديات التي قد تظهر.
في خضم هذا العصر الذي يتسم بتعقيدات متزايدة وتغيرات سريعة، نجد أنفسنا أمام ثورة تكنولوجية هائلة، صراعات تجارية محتدمة، وتحالفات اقتصادية ضخمة، فضلاً عن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة التي تشكل الواقع العالمي.

الوقت الراهن يُعد فترة مفصلية في تاريخنا، حيث يتوقف مسار العالم في المستقبل القريب على نتائج وتداعيات الأحداث الجارية، وبشكل خاص ما سيحدث في العام 2024. وعلى الرغم من هذه التحديات المتنوعة، يبقى الأمل والتفاؤل عنصرين جوهريين لتشكيل رؤيتنا لمستقبل أكثر إشراقًا.

يتجلى الأمل في تركيزنا على الإيجابيات ويمثل التفاؤل البوصلة التي توجهنا نحو مستقبل مليء بالأمل والنجاح في العالم العربي، فعلى الرغم من الصعوبات الجيوسياسية وغيرها من التحديات، فإن النظرة المتفائلة والإيجابية تبقى منارة تنير دربنا نحو غد يتسم بالاستقرار والازدهار في العالم العربي.

* صالح سليم الحموري/ كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية.