يسجل لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إنها اعادت القضية الفلسطينية الى أذهان العالم بعد أن بدأ يأخذ بمسلمات ليس بالأمان أكثر مما كان ... خلال عقدين من الزمن خطط الجنرالات يحيى السنوار ومحمد الضيف. وخلفهم آلاف المقاتلين لمفاجأة العالم في السابع من تشرين الأول من العام الفارط.

خلال أقل من ثلاثة أشهر أنجزوا ما عجزت عنه حركات المقاومة الفلسطينية منذ زمن سيف الدين الحج امين. والعناقيد المتناثرة جغرافيا بين المدن والأرياف الفلسطينية حتى الآن وربما لأعوام قادمة..

الحرب العربية الاسرائيلية الرابعة أيقظت ضمير العالم في أوروبا وأمريكا. الجيل الجديد من الغربيين ملأ الشوارع في مدن الغرب وأمريكا بمظاهرات الاحتجاج. رغم إصرار الحكومات على أحقية اسرائيل في القتل والتدمير.

لم تغفل حماس عن أخلاقيات الحروب في تعاملها مع الأسرى اليهود، واضطر الرئيس الأمريكي جو بايدن لتصحيح روايته عن قطع رؤوس الأطفال اليهود واغتصاب النساء وعلّل الخطأ بأن المعلومات جاءته من بنيامين نتنياهو في اسرائيل..

صمد حملة البندقية في أنفاق غزة واستعانوا بأحدث التقنيات لنقل انتصاراتهم بالصوت والصورة، مما فوت على العدو الإنكار الدائم لخسائره، ارتقى من الغزازوة أكثر من 21 الف شهيد جلهم من النساء والأطفال وهي ثمن دفعه الفيتناميون في حربهم مع الولايات المتحدة..

ولكن الكادر السياسي خارج فلسطين لم يتعلم الدرس..

عام 2010 سافر محمود المبحوح في رحلة لتزويد الحركة بالسلاح، نزل في مكان عام يرتاده القاصي والداني، لحق به 27 رجلا من عناصر الموساد بجوازات سفر أوروبية واسترالية نزلوا بنفس الفندق وأجهزوا عليه.

لم يتعلم الدرس من محاولة اغتيال سابقه. كان بإمكانه الإقامة في منازل الفلسطينيين هناك ( وما أكثرها ) ليصبح الاقتراب منه مخاطرة لجهاز أمن اعتاد على القتل الهادئ دون ترك آثار...

عام 1996 جاء ستة من رجال الموساد الى عمّان بجوازات سفر كندية. لاغتيال خالد مشعل الذي يعمل يوميا في مكتب حماس بشارع وصفي التل.. لم يغير خالد روتينه اليومي في العمل مما سهل على الموساد المراقبة والتنفيذ. كادت العملية تنجح لولا انتباه حارسه محمد ابو سيف وملاحقة اثنين من رجال الموساد الذين استقروا في مركز أمن بيادر وادي السير. ثم المخابرات العامّة. أحس نتنياهو بالورطة فأرسل مدير الموساد داني ياتوم (تندر عليه عسكر اسرائيل ووصفوه انه داني يتيم) أمسك المغفور له الحسين بن طلال بزمام العملية. أمر بتصوير اعترافات رجلي الموساد بالفيديو. نقل خالد مشعل الى المدينة الطبية.. أمر نجله الأمير آنذاك الملك عبدالله الثاني بمحاصرة السفارة الاسرائيلية في الرابية استعدادا لمهاجمتها والقبض على باقي رجال الموساد الذين هربوا اليها.. هدد بإلغاء معاهدة السلام وإعدام رجال الموساد. رضخ نتنياهو وأرسل الترياق المضاد للسم.. ولم يكتف الملك الخبير بالاعيب وخدع الصهيونية بذلك. بل أخرج مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين من سجنه واعادته الى موطنه غزة والافراج عن سبعين سجينا فلسطينيا في اسرائيل..

يعترف خالد مشعل انه مدين بحياته للملك حسين.. يعرف الرجل انه مطلوب حيا أو ميتا.. لم يأخذ احتياطا بتغيير روتين عمله.. مثل استخدام أماكن اخرى للعمل بين حين وآخر. او تغيير مواعيد عمله في المكتب. وهي اجراءات بديهية لكل شخص معرض للخطر..

في اليوم الثاني من هذا العام عقد صالح العاروري اجتماعا في مكتب حماس ببيروت، حضره سمير فندي وعزام الأقرع وآخرين.. أرسل له العدو الاسرائيلي طائرة مفخخة بالمتفجرات بدون طيار.. حوّمت الطائرة على جنوب لبنان واستقرت في مكتب حماس بالضاحية الجنوبية من بيروت.

يعرف رجال حماس خارج غزة انهم هدف دائم لاسرائيل.. كان بإمكان العاروري عقد الاجتماع في أحد المنازل الفلسطينية او المخيمات (وما أكثرها في بيروت).. ترك للعدو الاسرائيلي فرصة تثبيت مكتبه بواسطة عملائه في بيروت (وما أكثرهم عربا وأجانب) وتحديد الداخلين اليه والخارجين منه.. تفجرت الطائرة المسيرة في نفس الشقة المكتب.. وأودى الانفجار بحياة الشهيد صالح العاروري مع رفاقه.. وكلهم مساهمين في الحرب العربية الاسرائيلية الرابعة التي لم تنته بعد.. في الحديث الشريف لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.

على قائمة نتنياهو أهداف من شخصيات حماس في الخارج والداخل.. فهل يحذر المؤمن من اللدغة الرابعة؟.