facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الصندوق الأسود (15) .. "تغيير إدارة التغيير"


د. كفاية عبدالله
03-01-2024 12:58 PM

لا نبالغ بالقول إنها الكلمة الأكثر جدلا وريبة في قاموس العديد من الناس أنها مفردة "التغيير" والتي تستخدم للإعلان عن برامج التطوير والتحسين لتحقيق الغايات المشتركة واستدامتها للأجيال القادمة، وقد ينفض الجمع عند البعض لدى سماع تلك كلمة "التغيير" لما أورثته التجارب السابقة من خيبات للآمال وتضييع الكثير من الحقوق؛ ذلك عندما يكون المحلي معيوب والمستورد مرغوبا عند التحديث في التشريع والأفراد والأدوات .

عندما تجيش الموارد والإمكانات وتضخ آلة الإعلام للفتك بإنجازات الأولين، واعتبار الماضي هو الكفر ولا بد من محاربة الردة بكل أشكالها وألوانها ، فلا مكان لممارسة فضلى في برنامج التغيير إن كانت تعود أصولها للسابقين _رغم إثبات نجاعتها _ إذ إنها من موروثات الماضي القديم.

إنه التغيير من أجل التغيير، لغة الشعبويين أننا هاهنا ...وإننا نحرز التحسين، مع التلاعب في لغة الأرقام لتسويق الانجازات، ضرب الثقة بانجازات الماضي وتبخيس الناس أشياءهم ، إنها تفاحة آدم _عليه السلام_ يحمل وزر إثمها خاصرة الموظفين؛ وأما صاحب الفعل الأول فإنه منها براءة كبراءة الذئب من دم يوسف_ عليه السلام _ البحث عن كبش فداء صاحب الفاتورة الأرخص ثمنا لتبيض ثياب المؤسسات وتنظيف من أخطاء السابقون، استيراد الحلول من تجارب الآخرين ضمن عملية القص واللصق دون مراعاة لخصوصية وسياق عمل الإدارات.

التغيير لا يعني بالضرورة الوصول للنتائج المرجوة حتى لو ملكت أحدث الآليات والإمكانيات ؛خاصة إن تمت معالجة المشكلات بعقلية ذاتها التي أوقعتها في المحك، مع غياب للمعلومات الصحيحة والحديثة والدقيقة وضعف توظيفها عند توفرها، ويجدر الإشارة أن غياب المعلومة لن يترك هذا الفراغ وإنما هو وعاء متسع للإشاعات والتكهنات لتكون بيئة خصبة للغيبة والنميمة في بيئة العمل، وغياب النظرة الإنسانية للقرارات الإدارية وعدم مراعاة للصحة الذهنية والعقلية للعاملين وسلامة ورفاهية الموظفين، والاستخفاف بوجهات النظر الموظفين لأن ذات أجور وأتعابها متواضعة.

التغيير المنشود يحتاج لرؤية وأهداف واضحة، قيادة قوية تدفع الثمن، وإشراك للعاملين ومشاركة أصحاب العلاقة ، اتصال وتواصل وتغذية راجعة باستمرار والتشبيك وبناء الشبكات المهنية في داخل المؤسسات وخارجها، لا كلل ولا ملل من تعليم الناس والشفافية والتوضيح ماذا نريد ولماذا التغيير، للوصول إلى الفهم الواعي المتبني لخطط التغيير لا ذاك الأجير المنصاع كرها للتعليمات تحت عصا التهديد، خلق الرغبة للتحسين وبناء روابط عاطفية للدفع نحو التطوير، وبناء القدرات وتكييفها وفق المتطلبات، وتعزيز المهارات لضمان استدامة القدرات مع رصد وتقييم مستمر في جميع مراحل عملية التغيير.

علينا تجنب حمل المطرقة وهدم الجدران الذي أقيم على أساسه البنيان، كي لا تخرب المؤسسات بيوتها بأيديها عند إرادة التغيير، نعم إدارة التغيير تحتاج إلى تغيير والإصلاح يحتاج إلى إصلاح في كثير من الأحيان، نحتاج إلى الأخذ بالفعل الأخلاقي لكل قرار كبير أو صغير مراعاة للعنصر البشري ولا سيما أن التغيير أتى لمصلحة الإنسان ومصنعه الإنسان، وتوظيف لإمكانيات الداخلية واستثارتها لاستخراج مكوناتها وإبداعاتها ونفض غبار التفكير التقليدي والدعوة للتفكير خارج الصندوق، والتحليق على مستويات تتناسب معها الهبوط على أرض التطبيق وعدم الإغراق في تفاصيل التخطيط وإهمال إمكانية التنفيذ، وكبح اللجام عن تسويق الإدعاءات والوعود الكاذبة احترام لعقول الناس والشفافية في الطرح والتعليل ، ولتكون القيادة النموذج القدوة وهي أول من يدفع الثمن، وتجنب تقديم المستضعفين قربان للأثمان الباهظة، وتجنب القفز السريع أو الجري دون بوصلة قد يضل به الطريق، والتدرج سنة التغيير والزمن جزء أصيل في حل المشكلات ، كل ما نحتاجه هو إخلاص وبصيرة وإعادة نظر في التغيير ذلك لأن إدارة التغيير تحتاج إلى تغيير.

د. كفاية عبدالله/ اختصاصي التطوير المؤسسي.
(Kifaya2020@gmail.com)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :