نجحت اسرائيل في الوصول الى الشيخ صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مسؤول الضفة الغربية في الحركة، واغتالته امس في الضاحية الجنوبية من بيروت مع رفيقين له، رغم انها فشلت حتى الان في الوصول الى اي قائد في حركة حماس في قطاع غزة، بعد مرور 89 يوما على العدوان العسكري الاسرئيلي المتواصل على القطاع، دون توقف واستخدام كل ما تملك من قوات عسكرية وامنية واسلحة ودعم امريكي وغربي غير محدود.
استراتيجية اسرائيل العسكرية في التعامل مع قيادات الحركات والفصائل المقاومة الفلسطينية، تقوم على الاعتيال والتصفية اينما وجدت القيادات التي تصنفها بالخطيرة، لانها تؤمن بأن سياسة الاغتيال يجب ان تستهدف العقول المدبرة للمقاومة والعمل المقاوم، والتي تديرها وتوجهها وتؤمنها بالسلاح والمال والتخطيط، وقتل العقل الذي يصنع المقاومة والمقاومين ،قبل تصفية المقاومين انفسهم، هكذا تتعامل مع قادة المقاومة الفلسطينية.
وهذا يؤكد استمرار اسرائيل في البحث عن السنوار والضيف والعمل على قتلهما حتى لو قتلت آلاف المقاومين، فهي تدعي انها قتلت اكثر من عشرة آلاف مقاوم خلال حربها على غزة، لكنها لا تكتفي بقتل المقاومين لانها تريد تصفية قادتهم.
لو رجعنا الى قائمة القيادات الفلسطينية، من مختلف الفصائل التي قامت اسرائيل ياغتيالهم وتصفيتهم في فلسطين وخارج فلسطين لوجدناهم بالمئات، لكن هذه الجرائم الاسرائيلية لم تؤثر بالمطلق على مسيرة النضال والكفاح الوطني الفلسطيني.
اغتيال العاروري وغيابه عن الساحة النضالية ، لن يكون له انعكاسات سلبية على سير القتال والاداء القتالي للمقاومة في التصدي للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة،على العكس سوف يزيد الصمود الفلسطيني، وتزداد شراسة المواجهات والعمليات والتصدي للعدوان من قبل المقاومة الفلسطينية.
اهداف اسرائيل من وراء اغتيال العاروري كثيرة، اهمها ان العاروري ازعج واوجع الاحتلال في الضفة الغربية ،التي تشتعل فيها المقاومة والمسؤول عنها العاروري، فهو الذي كان يصنع المقاومين ويجهزهم بالمال والسلاح والاعداد والتخطيط، وقيادته للمقاومة الفلسطينية في لبنان واطلاق الصواريخ على المستوطنات الاسرائيلية شمال فلسطين بشكل دائم، وقرب الرجل من حركة فتح وحرصه على المصالحة والوحدة الوطنية وانهاء الانقسام بين فتح وحماس، وتواصله الدائم مع قيادات فتح وخاصة عضو اللجنة المركزية جبريل الرجوب، والهدف الاخر محاولة اسرائيل تسجيل اي انجاز عسكري امام الفشل الذريع والهزائم النكراء والخسائر الفادحة التي تكبدها جيش الاحتلال في قطاع غزة ورد بعض الاعتبار للهزيمة الشاملة التي لحقت بالاحتلال عسكريا وامنيا وسياسيا واقتصاديا ومعنويا.
الادارة الامريكية تنفي علمها بعملية الاغتيال،لكن هذا النفي يندرج في سياق الاستهلاك الاعلامي، فهي على علم مسبق بكل التفاصيل الخاصة بعملية الاغتيال التي لن تكون الاخيرة، وعلى قادة حماس السياسيين والعسكريين او يتخذوا الاحتياطات الامنية الكافية لحمايتهم الشخصية.
اختيار لبنان لتصفية واغتيال قادة حماس، سببه ان لبنان تاريخيا ساحة مفتوحة لجميع الاجهزة الامنية العالمية، وخاصة التي تتعاون مع الاحتلال، وفي لبنان قوى داخلية مختلفة الولاءات والانتماءات، مما يسهل عمليات الاختراق الامني ويسهل الوصول الى الاهداف المستهدفة.