من بديهات الحروب على مدار التاريخ، أن المنتصر هو من يضع شروط انهاء الحرب، لكن الكيان الصهيوني الذي قام على نكران الحقائق، بل وقلبها، يريد أن يغير هذه الحقيقة من حقائق التاريخ، ويسعى بكل عنجهية لفرض شروط إنهاء الحرب في غزة التي انهزم فيها منذ اللحظة الأولى، لاندلاعها في السابع من شهر تشرين الأول من العام الماضي2023، وهي هزيمة أقر بها جهارا نهارا عدد من قادة الكيان الصهيوني السياسيين والعسكريين، وبصيغ مختلفة، ومنهم ايهود باراك وهو رئيس وزراء سابق ووزير دفاع ورئيس أركان سابق لجيش كيان العدو، ومنهم اهود اولمرت وهو أيضا رئيس وزراء أسبق في كيان الاحتلال، ناهيك عن عدد من رؤساء الأركان السابقين، في جيش العدو، ونوابهم الذين اعترفوا بصور مختلفة بهزيمة جيش الاحتلال، فاذا أضفنا إلى ذلك اعترافات المحللين العسكريين والسياسيين الإسرائيليين، والذين يتحدثون بصورة دائمة عبر وسائل اعلام كيان الاحتلال عن هزيمة الجيش الاحتلال، وعجزه عن تحقيق الأهداف المعلنة للعدوان، بل وإذلاله في قطاع غزة. ناهيك عن ما يرد من حلفاء العدوان وداعميه من اعترافات، بصور مختلفة بهزيمة ربيبتهم في هذه الحرب.
والأهم من ذلك كله الوقائع التي تجري على أرض المعركة، من خسائر ممثلة بعدد القتلى والجرحى من جيش العدو، وهي خسائر غير مسبوقة في حروبه كلها، رغم تضارب الأرقام التي تعلنها الجهات الاسرائيلية، لكنها جميعها تجمع عل فداحتها، وتعكس حجم الاضطراب والتضارب والتخبط الذي يعيشه كيان العدو، وهذه كلها صفات المهزوم.
لا تقتصر خسائر العدو على جنوده و ضباطه فقد خسر العدو الاسرائيلي منذ اندلاع العدوان أكثر من ثلث معداته العسكرية، من دبابات وناقلات الجند والجرافات العسكرية. وغير
ذلك من الأسلحة.
ومن مؤشرات هزيمة العدو حجم النازحين ممن يصنفهم بانهم من المدنيين، فقد وصل عدد هؤلاء النازحين من مستوطنات غلاف غزة وغيرها من المستوطنات إلى مئات الالاف، مما كبد الكيان خسائر اقتصادية بالمليارات. ناهيك عن الهجرة المعاكسة من كيان العدو إلى الخارج. بعد أن تبدد حلم الباحثين عن الاستقرار في فلسطين، بفضل مقاومتها المظفرة.
ومن دلائل هزيمة كيان الاحتلال حجم الانقسام في هذا الكيان بما في ذلك الخلاف بين اعضاء مجلس حربه، ومجلس وزرائه، وانقسام شارعه، فكل هؤلاء منقسمون حول استمرار الحرب، منقسمون على أهدافها.
واذا كان كيان العدو قد خسر وحدة داخله، فقد خسر تعاطف المجتمع الدولي على مستوى شعوب العالم، حتى داخل الولايات المتحدة الأمريكية، معقل الصهيونية الأول وداعمها الاقوى، كما خسر تفرده بالرواية الصهيونية للصراع الدائر في فلسطين.
الأهم من كل ماتقدم من أدلة هزيمة كيان الاحتلال وجيشه، أنه لم يستطع تحقيق هدف من أهدافه المعلنة للحرب، وأقلها أنه لم يستطيع تحرير أسير واحد من أسراه في قطاع غزة بواسطة الحرب. ورغم مرور مايقرب من الثلاثة شهور على بدء العدوان فان جيش العدو لم يسيطر ويستقر في اي منطقة من قاطع غزة، بل لقد دمرت المقاومة خيرة تشكيلات النخبة في هذا الجيش. واجبرتها على انسحابات متلاحقة من مناطق القطاع.
رغم كل هذه الأدلة والبراهين القاطعة على هزيمة الكيان الصهيوني وجيشه، فإنه وبكل الغطرسة والعنجيهة وما تسببانه من عمى، يسعى لفرض شروط المنتصر، ومنها أن تستسلم المقاومة الإسلامية في قطاع غزة، وتسلم اسلحتها للجيش المهزوم؟ وأكثر من ذلك فإنه في ذروة هزيمته السياسية والعسكرية والاقتصادية، يتحدث عن مستقبل غزة، ويشترط أن يكون بلا مقاومة، فهل قرأتم عن مهزوم بهذه «الوقاحة»؟.
الرأي