ودخل عام جديد والدم يستباح
جهاد المنسي
01-01-2024 12:13 AM
ما تزال آلة القتل النازية الإسرائيلية تستبيح غزة، تقتل أطفالا ونساء، رجالا وشبابا، تهدم مدارس ودور إيواء، مستشفيات ومساجد وكنائس، بحثا عن نصر وهمي لن يعرفوه، وما تزال عصابة تل أبيب وقطعان المستوطنين يمارسون أشكال القتل العمد والسحل بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وكل ذاك تحت نظر العالم أجمع، ودون أن يحرك هذا العالم المنحاز ساكنا.
العالم أجمع يرى ويشاهد ما يجري في الضفة من ممارسات خارج إطار القانون والقرارات الأممية، وإذا رد الشعب الفلسطيني على تلك الممارسات الاستفزازية المتواصلة يخرج علينا هذا العالم الأعور يدين ويستنكر ويناصر القاتل الصهيوني النازي!
لا عجب ولا غرابة، أن يدخل هذا العالم عاما جديدا، والقتل يتجاوز حد السماء، وغزة تقصف وأطفالها بلا مأوى، فهذا العالم المتخاذل، الذي يدعى العلمانية وفصل الدين عن السياسة، يناصر دولة مارقة شعارها ديني ودستورها تلمود مزور مدفوع بترهات غير حقيقية.
هذا العالم الذي آثر منح القاتل فرصة الانقضاض على فريسته وقتلها وشواء لحمها وهضمها فوجئ أن غزة صامدة شامخة واقفة، تداوي جراحات أطفالها، وتنهض كالعنقاء من تحت الرمال، وما زالت إسرائيل بعد 86 يوما من الحرب تعجز عن فك شفرة مقاومة شعب يرفض أن يقتلع من أرضه، شعب يدفن شهداءه وينهض يعاهد مقاومته على الصبر، شعب يؤمن أن النصر صبر ساعة، وساعات، ويوم وأيام، وشهر وأشهر، وأن الحق لو تكالب الجميع عليه لا يمكن طمسه، إن الحياة إما وقفة عز وكبرياء، وإما خزي وعار، وفي غزة اختار شعبها النصر أو الاستشهاد.
صحيح، نكلت الطائرات الإسرائيلية بالمدنيين، عرتهم، اعتقلتهم، ومَنْ تَحتَ الضرب والقصف والتشريد ليس كمَنْ يعدّ أيام العدوان، ولكن ما نراه من صمود، وما نسمعه على لسان أهل القطاع جبروت لا يتكرر ودرس لا يمكن نسيانه، وشجاعة لا يعرفها المهزومون نفسيا، المستسلمون فكريا، المتباكون صوريا، فأولئك لا يعرفون معنى الأوطان، ولم يخبروا المقاومة وسبيلها، ولذلك يهون عليهم التسليم بالواقع، والهروب من حقيقتهم المتخاذلة.
دخلت سنة 2024 والأكثر يقينا أن إسرائيل تخسر، صحيح استشهد أكثر من 22 ألفا، وأصيب مثلهم ويزيد، وهدمت البيوت وشرد الناس، ولكن في المقابل لا ولن يحتمل المحتل هذا الصمود الأسطوري، فهو لم يختبر ذلك ولا يعرفه، وكان يعتقد هو وأولئك الذين ساندوه أن غزة نزهة قد تستمر شهرا أو أقل، ومن ثم تنكسر عزيمة الشعب ويلفظ مقاومته، ولكنه فوجئ بأن هذا الشعب يحتضن المقاومة، يهلهل لها، يدعم صمودها، ولذلك فإن فاتورة الحساب ستنقل لتل أبيب، ووقتها سيعرف أولئك أنهم لا يستطيعون الانتظار طويلا، وأن كل يوم صمود يخلف وراءه فاتورة حساب طويلة.
ولأن الحرب طالت عرفنا أن هذا المحتل يمتلك خطة توسعية واضحة تتضمن التهجير والتنكيل، فقد كان يرنو لتهجير أهل القطاع لشبه جزيرة سيناء المصرية، دون اكتراث لمعاهدة كامب ديفيد أو أي تفاهمات أخرى، وتهجير أهل الضفة إلى الأردن، ولكنه فشل في القطاع وسيفشل في الضفة، وتلك النظرة التوسعية للاحتلال تحتم علينا في الأردن رؤية مخططات الاحتلال بشكلها الحقيقي ومعرفة أنه يعادينا كما يعادي الفلسطينيين، وأن رؤيته التوسعية لم تتغير يوما رغم كل المعاهدات الموقعة والاتفاقيات المبرمة، فتلك العصابة في تل أبيب من السهل عليها نقض التعهدات وإلغاء المعاهدات، وقد سمعنا يقينا وعيانا تصريحات قاتل الأطفال بنيامين نتنياهو رئيس وزراء مجلس الحرب الصهيوني وهو يعلنها صراحة ودون مواربة أن اتفاقيات أوسلو انتهت، ومن يعلن ذاك يمكنه أن يتعامل بذات الأمر مع اتفاقيات وادي عربة وكامب ديفيد، ولا أعتقد أن ذاك بعيد.
أعتقد أن عقل الدولة يعرف تفكير المحتل الإسرائيلي ورؤيته التوسعية، وقد أشار جلالة الملك لذلك، وحذر من توسع رقعة الحرب طالما بقيت إسرائيل تضرب عرض الحائط بالاتفاقيات والقرارات الأممية، وطالما بقيت متمردة على العالم رافضة الانصياع للقانون الدولي، وتلك المعرفة المسبقة تجعلنا أكثر حرصا في التعامل مع المستجدات وطريقة التصدي للأخطار.
الغد