بنهاية عام حافل بالحروب وإراقة الدماء وإزهاق أرواح الأبرياء، وقف الفرح مذهولا عاجزا يشعر بالحسرة على الأطفال الذين غادروا هذا العالم مضرجين بدمائهم.
أطفال غزة غادروا قبل رؤية شجرة الميلاد، قبل أن يسمعوا الصوت القادم من مدينة السلام القدس.
عام جديد يأتي بخطى مجهولة، محفوفة بالخوف من القادم، وتبقى أكبر الأمنيات أن يغادرنا الحزن الساكن فينا نتيجة مناظر الدمار والخراب والدماء.
عام يغادر ويأتي آخر جديد والقلوب تتضرع بدعاء موحد، بأن لا يصبح سفك الدماء منظرا معتادا، وألا تتوقف الأصوات عن المناداة بوقف الحرب.
الحديث عن التوقعات والأمنيات هذا العام، أصبح غير ممتع لأن العنف وقف يزاحمها ويخبرها، بصلف وقسوة، بأن الواقع قد يزيد مرارة وخصوصا إذا لم تتوقف الحرب والدمار الذي سكن أضلاعا، فلسطين.
الأمنيات هذا العام بمثابة متطلبات إنسانية، ينادي بها الجميع، وقد أعرج على أمنية شخصية واحدة للعام الجديد،
أنا متأكدة بأن الكثير من البشر في هذا العالم يتمنى أن تصبح الأمنيات العشرة التي سأكتبها واقعا، وأولها، نريد السلام، فالرغبة الأولى، التي نريدها عالما خاليا من الصراعات والعنف، ولن يحدث ذلك دون أن تنتهي الحرب.
الأمنية الثانية نريد حماية الطفولة، وضمان حصول الأطفال المتأثرين بالحرب على التعليم، والحياة الطبيعية التي تمكنهم من التفكير بتحقيق مستقبل أكثر إشراقا، فالقتل والصدمة التي تعرض لها الأطفال في مناطق الحرب هي حقيقة مؤلمة، يجب مواجهتها ومعالجتها.
وثالثا نريد زيادة الدعم والمعونة للمتضررين من الحرب والعنف، ووصول الموارد الأساسية مثل الغذاء والماء والمأوى والرعاية الصحية.
ورابعا نريد تخفيف المعاناة والمساعدة في إعادة بناء الحياة الطبيعية التي حطمتها الحرب.
وخامسا نتمنى من العالم تعزيز التعاون بين الدول والمنظمات الدولية والوكالات الإنسانية لتوفير الدعم الفعال، ومعالجة الأسباب الجذرية للصراعات.
وسادسا نتمنى محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب والفظائع التي ارتكبت بحق المدنيين، ومساءلة الجناة عن أفعالهم، وعدم الإفلات من العقوبات.
سابعا نريد تكثيف الجهود من أجل نزع السلاح والحد من توافر الأسلحة وتعزيز الوسائل السلمية لحل الصراعات.
وثامنا نتمنى زيادة التعاطف والتفاهم بين الأفراد والمجتمعات والأمم لمنع المزيد من العنف.
تاسعا نتمنى أن يزيد احترام التنوع، والانفتاح الفكري لسد الفجوات وبناء عالم أكثر تسامحا وشمولا.
وعاشرا نبقى على حافة أمل بأن يزورنا شعورا متجددا بالأمل والتفاؤل، فالجميع يملك رغبة مشتركة في مستقبل أكثر إشراقا، يسوده السلام والأمن.
في بداية العام الجديد، لا أريد أن أفقد الشغف، ولا إن أغرق في مشاعر سلبية، ولكن يصر قلمي على البوح الصادق، ويجبرني على كتابة ما يحدث بمنتهى الموضوعية والواقعية، والعقلانية.
بالنسبة لي، في عام 2024 لدي أمنية شخصية واحدة، وهي أن تضيع تفاصيلي من ذاكرة الحمقى والواهمين، وأن ينسى السيؤون وجدي، ويتوقفون عن صناعة تاريخ لي، لم أعشه ولم أعرفه.
هذا العام بأني، بشعور مختلف، إذا أردت وصفة سأقول لم نعد نخاف الازدحام، بل أصبحنا نخشى الفقد، نتيجة لكل الوجع الذي مر أمام أعيننا في حرب غزة.
لم نعد نخاف العمر فكل يوم جديد هو هدية يمنحها الله لنا.
هذا العام لن ننتظر رسائل التهنئة بالعام الجديد لان قلوبنا موجعة على من فقدنا، رسالة واحدة نتبادلها جميعا تحمل الأمنيات بأن يحل السلام، وتبتسم الطفولة في فلسطين من جديد.
aaltaher@aut.edu.jo