طير الحب وبطريقته صنع للعشق دربه … ( يبرم ) ذكر الحمام، ويلز على انثاه على حافة السطوح بملاحقة حنونة اخاذة حتى يجبرها برغبة جامحة ان تقف على طرف السطح على رجل واحدة ويباشر الاقتراب لها …
ما اعذب ذاك الحوار الذي ينعم به أبناء الريف حين يجالسون الحمام على السطوح. فعلم السطوح عند اهل بلاد الشام يمت بصلة للحب ولا علاقة له بالفقه الاثنا عشري !!!
الفلسطيني يمارس حبه لفلسطين عبر كل جيل بصموده على الحافة تشبثا بفلسطين واقرارا منه بعروبتها.
ربما انه الخامس عشر من حزيران سنة ١٩٦٧ م، حين اصطحبني والدي يرحمه الله كان على الحافة من أواخر الخمسين في حياته، ولما اجتاح يهود المتصهينين باقي فلسطين،
ولخطا في التقدير أجرته القيادة المصرية في تلك المواجهة المريرة، راح والدي لقطعة من الأرض ورثها ابوه عن جده وجده عن جده حتى الجد الخامس سلامة، اسمها ( خلة عليان )، وخلة عليان، اول جنة الدنيا ومفتاحها تنتصب كالهودج بين اراضي ( خربة كفر ثلث ، وسنيريا ، وبديا ).
وبمطلق الأحوال قد تهب عليك رائحة جوافا قلقيلية ذات معاكسة للريح وفيها هبو ماء عابق من تحت تربتها الخصبة واودعها والدي روحه حين زرعها عن بكرة ابيها ٤٥ دونمًا حصته فقط زيتونا وتينا والزعتر ات من عند الله في خضرته.
…. جلس والدي يعبث بتربتها من تحت تينة، كانت قد اورفت بظلها تاوينا نحن الاثنين عود من حطب التقطه وباشر تحريك التراب من تحت التينة بعصبية ماحقة وفجأة انهار بالبكاء ….
البكاء.. بكاء الرجال يكشف عوراتهم وضعفهم وهزيمتهم واردف ذلك العثماني الشهم الكريم لن ابرح هذي الديار … ومشت الحادثات في غرف قلوبنا وكبر عباس ابنه الاصغر وسجن ثم سجن ثم سجن ومات الوالد وحفظ عباس دمع ابيه وبنى بيتا على اعلى قمة في خلة عليان.
كان بيتا للجود والحب والرجولة وعلى حين فجأة جاس المستوطنون الرزلاء ارض الخلة واستولوا على كل المكان حماية لراعي بقر مستوطن استرالي… وظن المستوطن ان ( جعير ) بقره، وبازالة منزل عباس بالتجريف سيمحو بلل التراب من دمع ابي.
حتى انفجرت غزة في احدى صور الدفاع عن دفء اختلاط الدمع بالتراب … انى كان ثمن معركة غزة قاسيا ومريرا فان دمها ، سيغسل عار استيلاء رعاة البقر على مرتفعات السفوح في بلادنا.. كل بلادنا.
اليوم، اتذكر صورة الحمام في وطني كيف يغارل الحمامة على الحافة، انها دماء غزة التي ازهرت عند نهاية هذا العام، فصنعت منه حافة سكبت غزلها بالدم في اذن فلسطين.
في مطلع العام الجديد، اقول كما اظن ان قولى فيه بعض شجن وبعض وسن وكل ولاء دم فلسطين غزل الفلسطينيين وكل العرب لفلسطين غزل على الحافة بالدم
ليستذكر الدمع والبيوت المهدومة ويصدح صوت الجبال في كل فلسطين.
يا لذة العودة، ويا لروعة الدم الدي يطهر الارض من ارجاسها. لك الحب يا كل ذرة من خلة عليان بللها، دمع ابي. وستعود مثل جلد الشهداء تعد الشمس بقمح وكواكب.