بعد أيام طوال مثقلة وتكالب أممي مفجع وخذلان قومي منقطع النظير، تقف غزة في سويعات ختام هذه السنة لتضرب للجميع صورة جديدة ومعبرة في استقبال ووداع الأيام والسنين.
جرح غزة ينزف بكتمان وصيحات من أعماق الوجدان شكلت حال كل إنسان في زمان النسيان، فجرت المشاعر الجياشة لخرق الإنسانية وأثارت الغضب في النفوس الشريفة العاجزة، لترسم وعيا في الأذهان خُط في العقول وكشف العالم بذهول ورسم خارطة الطريق أمام ظهور الحق.
أتحدث اليوم عن سويعات لنهاية هذه السنة، لكن علينا أن نعلم أن الزمان والمكان كلها مسخرة لخدمة غاية الوجود وهو العبودية لله فلا قيمة للوقت في الضياع. واليوم غزة في حصارها وفي ضيقها تريق الدماء أيقاظا للأمة التائهة وترسم لها ملامح النجاة والخلاص فهي جرس الوعي للأمة في هذا الزمان، كيف لا؟!، وكلنا يعلم أن حملة الوعي في الأمم السابقة هم قلة العدد كثرة الفعل والتضحية ولنا في قصص الأنبياء قاطبة خير برهان.
فالمطلوب من كل فرد اليوم أن يجلس مع نفسه جلسة تصالح، يحاسب نفسه يراجع إيجابياته وسلبياته نحو بوصلة الخير وبعيد عن الشر والسوء الثابت في كل نفس لأن النفس أمارة بالسوء فلا نجاة من المفاسد للنفس إلا بشريعة الخالق. فالمطلوب من كل فرد اليوم أن يوجه بوصلته نحو زيادة إيجابياته نحو صلاح نفسه ولو بالشيء اليسير لان "القليل الدائم خير من الكثير المتقطع"، والصلاح المطلق هو أن يكتسب كل فرد في يومه خطوة إيجابية في ميزانه نحو طريق الخير والخيرية لأن أساس الصلاح تغيير النفس وهذا مصداقا لقوله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
غزة بضعفها ترسم زمان الأمة ومكانها وتحمل شعلة رفعة الأمة وتكشف المستور أمام هذا النظام العالمي الزائف لتسقط لنا أصنام هذا النظام العالمي ، انطلاقا من شعلة فتح مكة قبل ١٤٣٤ عام، عندما ارتكز فتح مكة بقيادة نبينا محمد على إظهار الحق وإزهاق الباطل بإسقاط الأصنام كافة. فأسأل الله أن يعين نفسي المقصرة وإياكم على أن نخطو بإقدام وعزيمة نحو إصلاح أنفسنا.