قامت الأردن في السنوات الماضية بعمل العديد من اتفاقيات التجارة الحرة مع تكتلات اقتصادية عالمية ومع دول مختلفة وخصوصا مع الدول الاوروبية أبرزها: الشراكة الأردنية الأوروبية ودخلت حيز النفاذ عام 2002، واتفاقية التجارة الحرة مع دول رابطة الافتا التي تضم سويسرا ولختنشتاين وايسلندا والنرويج، ودخلت حيز النفاذ في 2002، بالإضافة للاتفاقية الأردنية البريطانية التي دخلت حيز النفاذ عام 2021.

تساهم هذه الاتفاقيات التجارية بتوفير فرص للشركات الأجنبية، حيث يتم بموجبها تقليل أو إلغاء الرسوم الجمركية على المنتجات المستوردة، وزيادة فرص التصدير ما يمكن الشركات الأردنية من تصدير منتجاتها برسوم جمركية مخفضة، ما يمكنها ايضا من توسيع حصتها بالأسواق التصديرية. كما أن الاتفاقيات التجارية تسهم أيضاً في تحسين المناخ التجاري بالمملكة وجعله أكثر جاذبية واستقطاباً للاستثمارات الأجنبية، ما يدعم الاقتصاد الوطني ويوفر فرص عمل جديدة للأردنيين.

تحاورت مؤخرا مع العديد من الاصدقاء أصحاب المصانع بخصوص الاستثمار في الأردن وخصوصا في مجال المنتجات الطبية والأدوية. وكما وأكدوا لي ان خوفهم من جانب التسجيل الطويل والعقيم في الأردن يمنعهم من التفكير في الأردن كخيار استراتيجي. كما واد ان اذكر مثالا واقعيا حصل معي شخصيا، بعملي كمستشار في تدويل الشركات وفتح الأسواق الخارجية امام الصناعات الإيطالية، حيث عملت مع صديق لي صاحب مصنع مكملات غذائية مهم، الذي لا ارغب بذكر اسمه، لنقل بعض خطوط الإنتاج الى الأردن والذي اقتنع بالفكرة وعملنا خطة لذلك. وكانت بداية الخطة بتسجيل المكملات الغذائية في الأردن ومن هنا بدأت المشكلة التي اجهضت التفكير في هذا المشروع. يأخذ التسجيل في المؤسسة العامة للغذاء والدواء وقت طويل ويحتاج الى عدد كبير من أوراق ووثائق وكذلك الى العديد من التصديقات التي تحتاج الى وقت طويل، بالإضافة الى تكاليف ليست بالبسيطة. وكما قال لي كلمة مهمة جدا التي ما زالت في جل تفكيري: "إذا كان تسجيل المكمل الغذائي يحتاج الى كل هذه التعقيدات بما بالك بتسجيل دواء او مصنع بخطوط انتاج كبيرة".

وكما استهجن قيام المؤسسة العامة للغذاء والدواء في بعض الأحيان بتوقيف استقبال طلبات تسجيل المكملات الغذائية والمنتجات الطبية. فعلى سبيل المثال قامت بإيقاف قبول تسجيل الفيتامينات في السابق وحاليا قامت بإيقاف قبول طلبات تسجيل الفيلر، بحسب العديد من الشركات التي تعمل في هذا المجال.

اما على الصعيد الإيطالي، يتم التسجيل من خلال ارسال اخطار الكترونيا "notifica degli integratori alimentari" بالمنتج (مكملات غذائية او فيتامينات) الى وزارة الصحة الإيطالية. كما يحتاج التسجيل الى ما يلي:
• بيانات الشركة المسجلة
• معلومات عن المنتج
• معلومات عن المصنع او المعمل الذي سيصنع المنتج والذي يجب ان يكون حاصل على تصريح من الوزارة
• معلومات عن التركيبة والمكونات الواردة، كما هو مدرج في الملصق
• معلومات عن الجرعة اليومية والكمية
• تحويل مصرفي بقيمة 160.20 يورو
• نسخة من الملصق (شكل العلبة – artwork) ويجب ان تحتوي العلبة على كافة المعلومات اللازمة كالمكونات والجرعة اليومية الموصي بها، والتحذيرات الضرورية كعدم تجاوز الجرعات الموصي بها، وتوضيح ان المكملات الغذائية ليست بديل لنضام غذائي متنوع، والإشارة إلى ضرورة إبقاء المنتجات بعيدًا عن متناول الأطفال، والاشارة للتأثير الغذائي أو الفسيولوجي للمنتج.

ومن الجدير بالذكر انه بمجرد إرسال الإخطار، يمكن طرح المنتج في السوق وأمام الوزارة 90 يومًا للاعتراض عليه وطلب أي تغييرات. وفي حال عدم الرد تنطبق قاعدة الموافقة الضمنية. اود أيضا ان اذكر ان المصنع يجب ان يضمن المنتج والذي يجب ان يكون ضمن المواصفات الأوروبية، ولذلك يقوم أيضا بعمل كل الدراسات اللازمة قبل القيام بتسجيله.

وأود أيضا الحديث عن بعض التسهيلات التي قامت بها بعض الدول العربية كالسعودية وقطر وتونس والمغرب والجزائر ومصر مع ايطاليا، حيث قامت بعمل العديد من النماذج المشتركة، بما يتناسب مع متطلبات الدول المصدرة والمستورة، للأوراق اللازمة لتسهيل عملية تسجيل المنتجات الطبية والغذائية أهمها الشهادة الصحية "Certificato Sanitario" وشهادة حرية البيع "Certificato Libera Vendita". كما وتم اعتماد هذه الشهادات بدون أي تصديقات عقيمة.

أخيرا وكعادتي لابد ان اتناول الموضوع من زاويتي الأردنية حيث يتطرق الى ذهني مشكلة الاقتصاد وجلب الاستثمارات للأردن. هل يمكن تسهيل إجراءات التسجيل في الاردن؟ من الجميل جدا ان تقوم المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأردنية بالقيام بدورها في حماية المستهلك الأردني، ولكن في نفس الوقت لابد من عمل خطط لتسهيل عملية التسجيل. هل يمكن الاستفادة من الأمثلة الناجحة وعمل اتفاقيات مع الدول الأوروبية لتسهيل الاستيراد والتصدير؟ هل يحق لاحد إيقاف طلبات تسجيل المكملات الغذائية واي منتج والذي يضر مصالح الشركات؟ هل من الممكن البدء باعتماد نماذج مشتركة وخصوصا انها باب بدء الاستثمار في الأردن؟ هي أسئلة مشروعه اطرحها لمن يهمه الامر..