الجامعات والعجز المالي .. مسؤولية من .. ؟؟
أحمد الحوراني
30-12-2023 12:18 AM
التقرير الصادر عن ديوان المحاسبة والذي نُشرَ يوم أمس وبما مضمونه أن سبع جامعات حكومية قد حققت عجزًا ماليًا في حساباتها وأنها لم تستطع تغطية نفقاتها الفعلية من خلال إيراداتها الفعلية، يطرح العديد من الاستفسارات لعل أهمها الإمعان في تحليل واقع الجامعات المذكورة في التقرير ودراسة الأسباب التي أدت إلى العجز الذي تراوحت أرقامه بين جامعة وأخرى من الجامعات السبعة، ولا بد من الإشارة بداية إلى أن المسؤوليات مشتركة لا يمكن تحميلها لجهة دون أخرى وعليه فإن الحل كذلك يجب أن يكون ضمن رؤية مشتركة بين الجهات المعنية بحيث تتولى تحديد الأسباب ووضع المقترحات والحلول ضمن خطط تحدد لها سقوف زمنية تستطيع خلالها الجامعات أن تنفض غبار العجز المحيط فيها كي تواصل مسيرتها وفق المطلوب منها في خدمة رسالة العلم والوطن والمواطن.
من غير المعقول أن نتحدث عن إدارات الجامعات كشمّاعة نلقي باللائمة عليها ونحمّلها أسباب العجز في موازناتها، إذ يواجه رئيس الجامعة أعباءً وتحديات ضاغطة من أكثر من جهة تتفاقم يصبح بسببها أمام واقع مرهق جدًا حتى إنه في كثير من الأحيان لربما يلجأ إلى الاقتراض من البنوك لتأمين رواتب العاملين ناهيك عما يطالعه من استحقاقات بمئات الالاف وقد تصل أحيانًا إلى الملايين لكادر من أعضاء التدريسية والإدارية ممن يبلغون سن التقاعد أو يتقدمون باستقالاتهم وتصبح الجامعة مطالبة بدفع مكافآت نهاية الخدمة، يضاف إلى ذلك أن بعض الجامعات كاليرموك مثلًا حيث أشار التقرير أنها الأعلى بين الجامعات السبع، ما زالت رسوم الساعات المعتمدة لبعض التخصصات فيها على ما كانت عليه قبل أكر من عشرين عاما في الوقت الذي تدرك فيه أن قيامها برفع الرسوم سوف يُقابل باعتراضات ورفض اجتماعي يقود إلى تدخل جهات معينة لأكثر من سبب الضغط على الجامعة ومجلس أمنائها بعدم الإقدام على رفع الرسوم وبالتالي فنحن نتحدث عن تكلفة فعلية لدراسة الطالب تتحمل الجامعة نسبة تبلغ أكثر من النصف منها.
الجامعات (العاجزة) عن سد رتق مديونيتها تعتمد في واقع الحال على الرسوم التي تأتيها من الطلبة وما يدخل حساباتها من بعض الاستثمارات التي تنفذها هنا وهناك، وغير ذلك فهي مطالبة بالبحث عن مصادر تؤمّن لها الدخل الذي يكفل لها القيام بوظيفتها في البحث العلمي والتعليم وخدمة أغراض التنمية في المجتمع، هذا في ظل تراجع الدعم الحكومي المقدم لها بالإضافة الى الديون المستحقة لها على الجهات التي تقوم بابتعاث الطلبة بنسبة كبيرة لا يمكن التقليل من حجم المبالغ المترتبة عليهم وعددهم بالالاف وفي تخصصات متقدمة كالطب والهندسة والتمريض والصيدلة.
لا شك أن الجامعات سوف تأخذ ما جاء في تقرير ديوان المحاسبة على محمل الجد، ولكنها ليست اللاعب الوحيد في هذا المضمار، باعتبار أنها مؤسسات وطنية والجميع معنيٌ بشأنها وسمعتها ومساعدتها في سد العجز لكي تعمل في بيئة محفّزة تمكنها من المضي فيما هو مطلوب منها في إعداد جيل مؤهل في تخصصات تحقق لها تنافسية مقبولة في سوق العمل المحلي والعربي.
الرأي