مع إنني مازلت افضل التعيين لموقع رئيس البلدية , واعتقد انه بعد نجاح (تجربه أمانة عمان) والتي كانت الأفضل والأنسب لنا ولمجتمعنا ,لأن (رئيس البلدية المعين ) لا يخضع لضغوط الناخبين من الأهل والأقارب تجاه التنظيم والخدمات داخل البلدة الواحدة , كما( الرئيس المنتخب ) حيث كنت تجد أن الكثير من البيوت غير مرخصة ,والشوارع ليست مستقيمة فهي تتلوى حسب درجه النفوذ والقربى , والخدمات لا تقدم للناس بالتساوي. ولكن بما أن الانتخابات البلدية أصبحت أمرا واقعا لا مفر منه ,بعد صدور القانون الجديد , فإنه لابد من الإشادة بميزات الصوت الواحد ,الذي أنهى عهد التكتلات العشائرية و احتكار العشائر و العائلات الكبيرة لمقاعد المجلس البلدي , وحرمان العائلات الصغيرة من التمثيل فيه , كما أن الصوت الواحد, يساعد على عدم تسييس البلديات , وإبقاء وضعها كجهة تقدم الخدمات للمواطنين فقط , بعيدا عن المزايدات والمناكفات السياسية والحزبية.
أما بالنسبة للكوتا النسائية , فأن الناس يتقبلونها على مضض , ويحسون أنها تفرض عليهم فرضا , تطبيقا لأجندات خارجية , وان الدستور كان قد كفل للمرأة المساواة المطلقة ,فإذا كان المجتمع الأردني مازال غير جاهزا , لاستقبال فكره تولى المرأة للمناصب العامة , فلماذا لابترك هذا الأمر للتطور الاجتماعي الطبيعي , لان إعطاء المرأة أفضليه قانونيه , قد يؤثر على حقوق الرجال الدستورية.
أما وقد بدأ العد التنازلي لإجراء الانتخابات البلدية, التي سوف تجرى في موعدها المحدد يوم الثلاثاء الموافق 31/7/2007 ,وقد بدأت الحمى الانتخابية تتصاعد داخل المدن والبلدات, حتى تبلغ ذروتها القصوى ,وما يرافقها من هوس جماعي وتحشيد عشائري وعائلي , فكل عشيرة ترغب من أن يكون مرشحها هو رئيس البلدية المنتظر , أو أن يكون لها عضوا بالمجلس البلدي القادم ,ليكون مدافعا عن مصالحها , و إثباتا للقوه العشائرية العددية ,هذه الحمي والهستيريا الجماعية ,ما هي إلا امتداد طبيعي تاريخي , للعصبية القبلية التي كانت سائدة عند العرب , والتي حتى الإسلام العظيم لم يستطع إلغائها أو انتزاعها عندهم ,فهي مازالت باقيه إلى اليوم .ومازال قول الشاعر ( در يد ابن الصمه ) يتردد إلى الآن , وصادقا في التعبير عن هذه الحالة داخل المدينة أو البلدة الواحدة( وهل أنا إلا من غزيه إن غوت .........غويت وإن ترشد غزيه ارشد), لا استثني حتى كبار المتعلمين والمثقفين منها , بل أن بعضهم يستخدم ثقافته وعلمه وذكائه , لخدمه هذا السياق العشائري العام .
لذا لندع العائلات والعشائر التي لديها مرشحين , سواء اختارتهم أو فرضوا أنفسهم , لشأنهم في التركيز على مرشحيهم , أما العائلات والعشائر آلتي ليس لديها مرشحين مفروضين عشائريا عليها, فهي وحدها القادرة على خلق التوازن و إنجاح المرشحين المناسبين من حيث الكفاءة والمقدرة و الصالحين , لخدمه المصلحة العامة.
إن العشائرية والقبلية ليست شرا مطلقا , وقولة سبحانه وتعالى ( إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا , إن أكرمكم عند الله اتقاكم)– صدق الله العظيم- هو تأكيد لمفهوم وجود العشائرية ,ولكن ألا فضليه هي للتقوى ,وإن الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم- عندما قال (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) , هو اعتراف وتأكيد لوجود الأخلاق الحميدة لدى العرب قبل الإسلام, مثل الشرف والنخوة والكرم والشجاعة والإيثار وحماية الجار والدخيل .. الخ ؟
لذلك فإننا لا نستطيع إلغاء العشائرية, ولكن نحن نستطيع , تهذيب بعض السلوكيات المرفوضة ,بما فيها من التطرف و المغالاة ,وان لا تأخذنا العزة بالإثم ,وعدم إثارة المشاكل و المناكفات والاستفزاز, والاستعراض , من إطلاق نار وتزمير وتفحيط وتشحيط وغيرة , سواء كان ذلك قبل ظهور النتائج أو بعدها, فنحن داخل البلدة الواحدة وان كنا عشائر وعائلات شتى , إلا انه علينا أن لا ننسى أننا مازلنا أنسباء وأخوال و أقارب وجيران بعضنا لبعض, لكي يسير هذا اليوم الانتخابي بكل هدوء ورويه وسلام , ونستفيد من هذه التجربة الديمقراطية , ونتذكر أننا مازلنا شعب متحضر ومتعلم , ضمن دولة القانون والمؤسسات.
وقى الله العلي القدير الأردن العظيم من كل مكروه , وأدام عليه عزة وسيادته واستقلاله., تحت قيادة جلاله الملك عبد الله الثاني بن الحسين المفدى , آمين ...