facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بين حقوق الإنسان و حقيقة الإنسان تصادم الأمريكيون مع "الأمريكان"


غالية منى خير الدّين
28-12-2023 08:09 PM

هناك مقولة مفادها "عندما تكون ضمن الأمر فإنك لا ترى كم غرقت في القذارة" و هذه المقولة لَتنطبق حقّا على الأمريكيّين المنتفضين فهم لا يعلمون حقا من يسيّرهم و حتى في ظل تحرّكهم ضد إسرائيل في حرب السابع من أكتوبر من المؤكد أنهم أيضا غير واعين للحقيقة الأمريكية و إنّما حرّكتهم نزعات إنسانية ليس أكثر من ذلك .

تحرك جزء كبير من الأمريكيين جمهوريّين و ديمقراطيين ضد سياسة البيت الأبيض في تعامله مع حرب غزة.
هل كانت النزعة الإنسانية التي تتحرك داخل كل إنسان أمام هول الظلم و العدوان هي التي دفعت الأمريكيين للنزول للشوارع و التظاهر ضد السياسة الخارجية السائدة في الولايات المتحدة الأمريكية أم هل اكتشفوا فعلا التكتيك الحقيقي الذي قامت عليه المنظومة الأمريكية منذ تأسيسها ؟ هل يعي هؤلاء الأمريكيين المنتفضين ضد إسرائيل ما نعيه نحن في العالم الإسلامي؟

لقد نجح الغرب بداية من النهضة الأوروبية في القرن السادس و السابع عشر مرورا بالثورة الفرنسية و ما جاورها من ثورات وصولا إلى بلورة هذه الانتفاضات الإنسانية في اتفاقيات و منظمات دولية سياسية و مالية و إنسانية باركتها الولايات المتحدة الأمريكية و أرست من خلالها عبارة "حقوق الإنسان" في تحويل هذا المصطلح من مجرد كلمة إلى مفهوم قائم الذات ثم إلى قانون يقتضي الممارسة و التطبيق و كان أن أصبح هذا المفهوم معيارا تقاس به الدول و تُقيَّم به ممارسات الأنظمة السياسية في العالم.

إلى جانب العالم الإسلامي الذي امتص من هذا المعطى و أدرجه في المناهج التعليمية لمختلف الأجيال بصورة سنُبيِّنُها في مناسبة أخرى فقد سعت الولايات المتحدة إلى صهر شعبها مع هذا الكُنه و على إثره فُتح المجال لحريات لا حصر لها تحت مسمى حقوق الإنسان تمتع بها الأمريكيون و إلى جانب هذا الأمر فإنّ الشعب الأمريكي لم يمارس بالإجماع معطى حقوق الإنسان للوقوف ضد الحرب الأمريكيّة ضد فيتنام أو ضدّ العراق -نعم كان هناك البعض منهم قد فهم منذ البداية أن ما يفعله البيت الأبيض مناهض لحقوق الإنسان و لكنّهم لم يتجاوزوا جزءا بسيطا من مجمل الشعب الأمريكي- إلى أن كان السابع من أكتوبر 2023 الذي أجمع بشأنه ثلثي الشباب الأمريكيين و خالفوا نهج حكمومتهم و توافقوا بدون إشارات مسبقة على أنّ ما يقدم عليه "الأمريكان" و هم صانعي القرار الأمريكي و مساندي إسرائيل معاد لكل قيم حقوق الإنسان التي آمن بها الأمريكيون.

إن الديمقراطية و حقوق الإنسان هما معطيان إجرائيان فالديمقراطية الأمريكية ليست ديمقراطيّة الشخص بل هي ديمقراطية شركات فيما تمثل حقوق الإنسان واجهة لرعاية مصالح اليهود بدرجة أولى.

يتراوح عدد اليهود بالولايات المتحدة الأمريكية 2% من مجمل التعداد السكاني أي تقريبا 7 ملايين يهودي ما يجعل الولايات المتحدة الأمريكية تمثل موطن أكبر تجمع يهودي في العالم بعد إسرائيل.

يملك اليهود الأمريكان 36 من أعضاء الكونغرس ال 435 و 9 من أعضاء مجلس الشيوخ ال 100 و فيما تبلغ نسبة التصويت في الانتخابات الرئاسية على المستوى الوطني 55% فإن نسبة من يصوتون من اليهود تصل إلى 85% فهم حريصون على المشاركة السياسية .

تشير التقديرات إلى أن ثروة اليهود بالولايات المتحدة الأمريكية تصل إلى أكثر من 6 تريليونات دولار و بذلك يمثل اليهود أثرى قومية متحدة . و يذكر تقرير "بيلزاريان ريبورت" أن 80% من كبار المديرين و أصحاب المناصب الكبرى في الولايات المتحدة هم يهود أو متزوجون من يهود.

و من هنا يأتي مصطلح اللوبي الصهيوني بالولايات المتحدة الأمريكية المرتبط أساسا بلجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأمريكية (إيباك( لدعم الدولة الصهيونية و تمويل الانتخابات الأمريكية و بذلك تمثل هذه المنظمة جماعة ضغط على صناع القرار الأمريكان.

و لا يشمل اللوبي الصهيوني لجنة إيباك فقط و إنما يشمل مجموعة واسعة من الجمعيات و التنظيمات و الهيئات اليهودية و تعمل حصرا على دعم الوطن اليهودي المتمثل في إسرائيل.

إن صناع القرار و هم "الأمريكان" الذين يتم اختيارهم و انتخابهم سواء على المستوى التشريعي أو التنفيذي بالولايات المتحدة الأمريكية يخضعون للانتخابات و نفس المواطنين الأمريكيين الذين يتظاهرون ضد المساندة الأمريكية لإسرائيل هم الذين اختاروا أنظمتهم و نفس هذه الأنظمة هي التي ضمّنت في عقول الأطفال الأمريكيين و الأجيال السابقة و الحالية أهمية ممارسات حقوق الإنسان و حماية الحقوق و الحريات المدنية , فإذن يصبح هذا التناقض الصارخ بين "الأمريكان" و الأمريكيين هو في كلّيته غفلة من الشعب الأمريكي و صناعة صهيونية قدمت للشعب حقوقا و حريات في إطارهم الجغرافي و لن تسمح لهم التدخل في السياسة الخارجية و لن تسمح الإدارة الأمريكية لنفسها بالنزول عند رغبات الأمريكيين الإنسانية.

يسيطر اليهود على وسائل الإعلام الرئيسة بالولايات المتحدة الأمريكية فشبكة ABC يسيطر عليها اليهود و شبكة CBS تحت سيطرتهم و شبكة NBC أيضا و هذه الشبكات الثلاث توجّه و الرأي العام الأمريكي و تسيطر عليه فضلا عن CNN و نيويورك تايمز و واشنطن بوست و وول ستريت جورنال.
و في الإطار ذاته فإن اليهود إن لم يمتلكوا وسيلة الإعلام فإنهم يحرصون على أن يكون رئيس التحرير يهوديا و لكي ندرك أهمية الإعلام عند اليهود فيكفي أن نعلم أن أشهر وكالة أنباء عالمية "رويتر" مؤسسها هو الصحفي اليهودي فون رويتر.

إلى جانب أنّ أكبر ثلاثة استوديوهات سينمائية في هوليود هي يهودية بالكامل و لا يسمح بالاقتراب منها لأي شخص غير يهودي كما ذكر المؤرخ و الناقد السينمائي الأمريكي نيل غالبا في كتابه هوليود امبراطورية اليهود.

و يسيطر اليهود على الذهب العالمي و الأمريكي و على الشركات متعددة الجنسيات المستقرة بالولايات المتحدة الأمريكية كما يسيطرون على شركات تصنيع و بيع الأسلحة و هم الذين يموّلون الولايات المتحدة الأمريكية في زمن السلم كما يزوّدون الدول الأخرى بالأسلحة في زمن الحرب و يبيعون الأدوية الأمريكية للعالم في زمن الحروب و الأوبئة فكيف للشعب الأمريكي أن يطالب هذه الأيدي الأخطوبوطية بعدم دعم إسرائيل!

إن العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية و اليهود الداعمين لإسرائيل هي علاقة استرجاعية تبادلية سلسة و انصهارية فموارد اليهود مكرّسة للصالح الأمريكي و تمثل وسيلة ضغط على الأمريكان في حين أنّ الفيتو الأمريكي مكرَّس للصالح اليهودي الإسرائيلي و المساعدات و الأسلحة المرسلة لإسرائيل هي في جزء كبير منها ترسانة يهودية لكنها متموقعة بالولايات المتحدة الأمريكية لا غير.

لقد تمّ اغتيال الرئيس الأمريكي ابراهام لينكولن بقرار يهودي بعد معارضته تأسيس عائلة روتشيلد لبنك مركزي اتحادي معتمد لديه صلاحية إصدار الأوراق المالية كما اغتالت الصهيونية اليهودية الرئيس الأمريكي جون كنيدي الذي عارض المشروع النّووي الإسرائيلي و ساند منع عمل اليهود في المخابرات الأمريكية و لم يتنبه أغلب الشعب الأمريكي أنّ الصهيونية اليهودية لطالما رسمت ملامح السياسة الأمريكية.

إن العقول في العالم الإسلامي بشكل عام و العالم العربي بشكل خاص كشفت منذ تفكّك الدولة العثمانية هذه العلاقة المتناسقة بين الوجود الصهيوني و الغرب ( بريطانيا و من بعدها الولايات المتحدة الأمريكية) و قد كان اكتشافا متأخّرا.

إنّ الولايات المتحدة الأمريكيّة لا تكذب فقط في وجه حلفائها العرب عند تقديم تصريح ديبلوماسي بشأن صراع إسرائيل و حماس لسنة 2023 و لكنها أيضا تكذب في وجه شعبها الأنجلوسكسوني الذي تبدو عليه علامات الاستغراب في المظاهرات العامة، استغراب من عدم تغيير البيت الأبيض لسياسته و إنّ الجزء المنتفض من جملة الشعب الأمريكي لا يعلم حقا من بصدد تسييره و التحكم في مصيره و هنا يحضُرني ما قاله الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في إحدى لقاءاته التلفزيونية أنّ الأمريكيّين لا يريدون أن يعرفوا ما يحدث داخل فلسطين و بأن الانتهاك المروّع لحقوق الإنسان يتجاوز بكثير ما قد يتخيّله أيّ شخص من الخارج.

لقد استمتع هذا الشعب لفترات بالحرّية و تم احترام حقوقه و لكن دون وعي منه بأن هذه الحقوق قد أُعطيت له بمباركة صهيونية و برضا يهودي و بدون هذا الرّضا لن يكون هناك ما يسمّى بالحلم الأمريكي.









  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :