ايران .. جمهورية الكذب والخداع والتضليل
د.مخلد البكر
28-12-2023 11:37 AM
لا شك بان ايران ومنذ نجاح ثورتها عام 1979 وهي تمارس الكذب والخداع والتضليل على الجماهيرالعربية وتغرر بهم و تضلل الكثيرين منهم وهي تدعي عداءها لاسرائيل والمنظومة الغربية بشكل عام، فلا يكاد يمر احتفال رسمي لطهران الا ورفعت شعار الموت لاسرائيل والموت لامريكا وهو الشعار ذاته الذي تتبناه اذرع ايران في المنطقة العربية ساعدها في ذلك حاضنة اجتماعية عربية من اخوة لنا من العرب الشيعة الذين وجدوا في ايران ظالتهم تحت مبرر التهميش والحرمان من الحقوق من قبل السلطة في اوطانهم، الا ان هذا الموت المزعوم الذي تهدد به ايران لم يطل الا اهل السنة سواء في الداخل الايراني عبر حرب غير معلنة على مكون اصيل من مكونات المجتمع الايراني وهم اهل السنة من الشعب الايراني (وهم بالمناسبة عرب اقحاح يعيشون على ارض عربية محتلة تم ضمها بتواطىء من المستعمر الانجليزي قبل انسحابه من المنطقة).
هذه السياسات الطائفية المذهبية التي تمارسها ايران ضد العرب السنة توسعت الى خارج حدود جمهورية الثورة الخمينية لتذيق سنة العراق وسوريا ولبنان واليمن سوء العذاب بايد ايرانية واخرى عربية للاسف من الشيعة العرب الذين يدينون بالولاء لطهران وملاليها، وعلى مدار العشرين عاما الماضية وبُعيد اسقاط نظام البعث في بغداد مارست ايران ابشع الجرائم بحق اهل السنة في هذه الدول، وخلقت لها اذرع مسلحة وميليشيات عسكرية تدين بالولاء للولي الفقيه خامنئي دكتاتور طهران المعمم، وتتلقى كل انواع الدعم عبر الحرس الثوري الايراني.
وفي اعقاب عملية طوفان الاقصى التي اطلقتها حركة المقاومة الاسلامية "حماس" وغيرها من فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ضد دولة الكيان الصهيوني، خرجت كثير من الاصوات العربية تهلل وتطبل لايران زعيمة محور المقاومة والممانعة ولسان حالها يقول لقد جاء "الوقت المناسب" لكي تقوم ايران بتحقيق احد اهم اهدافها واهداف ثورتها التي تصفها بالإسلامية "بنصرة المستضعفين في الارض" ، بتدمير الكيان الصهيوني، كيف لا وهي التي على مدار اكثر من اربعين عاما تهدد وتتوعد اسرائيل، ليأتي محور المقاومة والممانعة الذي برز الى السطح قبل عقدين من الزمان، وهو المحور الرافض لنهج محور الاعتدال الذي اتخذ من السلام استراتيجية له .
وفي حينه قلنا ان ايران لن تتدخل ولن تنصر فلسطين ولن تنتصر لاهل قطاع غزة ولن توسع دائرة الحرب، وستنأى بنفسها عن خوض هكذا حرب لا تخدم مشروعها التوسعي واطماعها في التمدد في المنطقة العربية، وستقف موقف المتفرج لتجني المكاسب، وقد كان ذلك بالفعل، فبعد مضي 82 يوما فان ايران لم تحرك ساكنا ولم تترجم شعارات الموت آنفة الذكر الى واقع ملموس.
فايران توظف القضية الفلسطينية توظيفا سياسيا لا اكثر خدمة لمصالحها، فعبر تقديم الدعم لحركات المقاومة (حماس والجهاد الاسلامي وحركة الصابرين التي يجب الاشارة لها في مناسبة لاحقة) تقوم بتلميع صورتها الطائفية المذهبية في الفضاء العربي، وتخدع الكثيرين وتخلق لنفسها شعبية لا يستهان بها لدى عوام الناس وغير المتخصصين، ومن يعميهم حبهم للمقاومة وكرههم للكيان الصهيوني عن رؤية حقيقة جرائم ايران على مدار عقدين من الزمان كان فيهما التهديد والتصريحات الاعلامية الشعبوية ضد اسرائيل واميركا، بينما الرصاص في ميادين القتال يوجه لصدور الابرياء من المدنيين السنة في العراق وسوريا واليمن ولبنان.
كما ان ايران وبتقديم الدعم للمقاومة تقوم باحراج الانظمة العربية امام الشعوب، وهو هدف رئيسي لها لضرب الوحدة الوطنية لهذه الدول وخلق الفتن وضرب الاستقرار داخل هذه الدول في مقتل، اضف الى ذلك حاجة ايران لورقة المقاومة الفلسطينية في تعاملها مع الغرب و في تفاوضها معه لاسيما فيما يتعلق بالعقوبات والملف النووي وغيرها من القضايا والملفات العالقة بينها وبين الولايات المتحدة والمنظومة الغربية.
حالة الكذب المستمرة التي تمارسها ايران استكملها بالامس المتحدث باسم الحرس الثوري العميد رمضان شريف، الذي قال في تصريحات اعلامية ان عملية طوفان الاقصى تعد احدى عمليات الانتقام لمقتل قاسم سليماني قائد الحرس الثوري الايراني، الذي قضى على يد الولايات المتحدة في يناير 2020.
حالة كذب لا تنتهي لهذا النظام المجرم، وكأن شريف هذا نسي تنصل ايران من دعم المقاومة الفلسطينية في بدايات الحرب الدائرة رحاها في غزة الان، وقالت غير مرة وعبر كبار المسؤولين السياسيين وعبر حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني ابرز ذراع لايران في المنطقة ان قرار السابع من اكتوبر هو قرار فلسطيني بحت، وليس لايران اي دور به، وغيرها من التصريحات التي ترمي لتخلي ايران عن تقديم اي دعم عملياتي عسكري في اطار هذه المعركة، وكانهم يقولون للمقاومة: (خلعوا شوككم بايديكم)، بعكس نظرية "وحدة الساحات" التي يؤمن بها محور المقاومة والممانعة، التي تقتضي من جميع اطراف المحور نصرة اي طرف من اطرافه يتعرض لاي خطر كان.
هذا التصريح دفع بقيادة حماس الى اصدار بيان فوري وسريع ينفي ما جاء على لسان شريف، وهي وجهة النظر التي اميل لها واتبناها بان المقاومة في غزة تلقت الدعم الايراني لكنها تلقت دعم من اطراف مختلفة، والدعم الايراني لم يجعل حماس ترتمي في احظان ملالي طهران وهو ما قال به خالد مشعل احد ابرز قيادات حماس السياسيين الذي دافع عن استقلالية قرار الحركة وانه في اللحظة التي تتعارض فيها المصلحة مع المبدا سنقدم المبدا، وهو امر تمت ترجمته على ارض الواقع عندما رفضت حماس دعم موقف النظام السوري من مطالب شعبه في بدايات الثورة السورية عام 2011 بطلب من طهران، وهو ما يفسر خروج قياداتها من دمشق وتوجههم للاقامة في الدوحة.
ان ايران الفارسية تبحث عن مصالحها القومية، وتسعى لاستعادة امجادها الامبراطورية التي اسقطها العرب، وترغب بلعب دور مهم يتوازى مع امكانياتها كلاعب رئيسي في المنطقة، ولكن عبر سياسة طائفية مذهبية مقيته، خدعت بها كثيرون من ابناء جلدتنا من سنة وشيعة، ويجب علينا فضح هذا المشروع التوسعي القائم على خلق الفتن بين ابناء البلد الواحد، ومواجته بشتى السبل.
وما حشد اتباعهم واذرعهم العميلة على الحد الاردني العراقي قبل اسابيع، واشتباكات جيشنا العربي الباسل على الحدود الشمالية، الا حلقة من سلسلة حلقات السياسات الايرانية للتدخل في دول المنطقة، ومرة اخرى باسم فلسطين وتحرير فلسطين، وفلسطين منهم براء، وحتى تتضح الصورة فان كل ما سبق لا ينفي خطورة المشروع الصهيوني في المنطقة ولا يقلل من اهمية التنبه له، لكننا نلقي الضوء على خطر داهم لا يراه كثيرون تهديدا حقيقيا لامننا واستقرارنا في الاردن والمشرق العربي بشكل عام .... وللحديث بقية.