الرئيس البخيت و«سيناريو» الثقة!
أ.د.فيصل الرفوع
07-03-2011 05:49 PM
كانت تظاهرة ديمقراطية بإمتياز، ذلك الحراك السياسي الذي رافق الإستحقاق الدستوري لحكومة دولة الرئيس الدكتور معروف البخيت، والمتمثل بثقة البرلمان. حيث أدرك كل طرف، الحكومة والبرلمان، واجباته الوطنية والمنصوص عليها في الدستور، وإستطاعت الحكومة، رئيساً وفريقاً وزارياً، ان تتفهم مغزى وأهداف العديد من الطروحات للسادة النواب. ففي الوقت الذي كانت الآراء والمطالب التي طرحها بعض السادة النواب، تنطلق من مصلحة وطنية وتنم عن إدراك لواجب النائب وفهم لدوره الدستوري، جاء بعضها الآخر بعيداً كل البعد عن مهمة النائب الرئيسة، تتنناقض مع أبجديات المفهوم الدستوري للعلاقة البينية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
حيث تقول الفقرة الثانية من المادة 53 من الدستور ما يلي: «اذا قرر المجلس (ويقصد مجلس النواب) عدم الثقة بالاكثرية المطلقة من مجموع عدد اعضائه وجب عليها ان تستقيل». ويجهل البعض فهم عملية منح الثقة للحكومة او حجبها، اذ ان هذا البعض يعتقد بضرورة ان تحصل الوزارة على ثقة الاكثرية المطلقة حتى تبقى، ولكن الواقع غير ذلك حسب منطوق المادة الدستورية. ففي المجلس الحالي على سبيل المثال تتقدم الحكومة بطلب الثقة من المجلس، وليس ما يحقق لها ذلك تصويت 61 نائبا الى جانبها، ولكن ما يحقق لها ذلك هو عدم تصويت 61 نائبا ضدها. اذ ان على المجلس الذي لا يريد منح الثقة لحكومة ما مهمة البحث عن الاكثرية الرافضة وليس على الحكومة مهمة البحث عن الاغلبية المطلقة للموافقة.
احببت ان استهل حديثي هذا الذي اردته متواصلا مع مقالات لغيري عالجت الجو العام الذي رافق عملية التصويت على الثقة لحكومة دولة الرئيس البخيت في مرحلة الثقة، فالرئيس البخيت لم يأت الى مجلس النواب بذهنية الباحث عن الاجماع او شبهه، لا صوريا ولا عمليا، بل إستقى حراكه من المفهوم الدستوري الفصل الذي يترك للنائب حقه الدستوري دون تدخل او « تخجيل». وهذا يمثل إحترام دولة الرئيس للنائب وحقه في الرأي والحكم.
وقد جاء بيان الرئيس بعيداً عن التهويل، والإلتفاف حول الشعارات او الاختباء وراء المبادرات والطروحات غير العملية، بل كان البيان واضحاً وبعيداً عن ثقافة التقية واحلام اليقظة. وبذلك فإن كل نائب كان يعرف تماما ما هي مفاصل البيان الوزاري الذي تقدم به الرئيس البخيت قبل ان يتقدم به، لان هذا النائب قد شارك بصورة او باخرى بصياغة فكرة ما طرحته الحكومة، فهو بيان شكل على وجه الدقة مجمل ما اراده الوطن، وحصيلة ما تلمسه الرئيس في زياراته المكثفة وللمواقع التي تشكل مراكز صناعة القرار ومنطلقاته بين صفوف الشعب إبان تشكيله للحكومة.
اما على الجانب الاخير، وليس استباقا للاحداث، فان الرئيس البخيت قد جاء الى الحكومة وهو يحمل الكثير من اوجه الثقة ويصدر عن العديد من مرجعياتها، فهو اولا حاز ثقة جلالة الملك، وهي وان بدت للبعض انها امر عادي تحكمه بعض المعطيات، الا انها من جهة اخرى تعني تميز من اختار جلالته الذي يملك بين يديه كماً كبيرا من الاسماء المحترمة، وذات الدراية والمعرفة والولاء والاقتدار.
اما المصدر الاخر الذي تلقى منه الرئيس البخيت الثقة فهو ذلك الاحساس الشعبي بانه وفريقه الوزاري الأٌقرب لمعاناة الشعب وآهاته، والأقدر على تلمس نقاط الضعف في العلاقة البينية بين الحكومة والشعب، من أجل معالجة الخلل وإبعاد الوطن عن الإستقطاب والإحتقان. كما أن جدية الرئيس في مكافحة الفساد جعلته ينال ثقة الشعب العفوية والصادقة، قبل ثقة البرلمان والتي عادة ما تحكم بعض تفاصيلها المصلحة الخاصة او الأجندات الجهوية.
alrfouh@hotmail.com
(الرأي)