كان الاجدر بالنواب ان ينتصروا للشعب كما انتصروا ل "سمير" ..
د. محمد حسن الديري
07-03-2011 04:51 PM
لفت نظري أثناء تصفحي لاحدى الصحف الالكترونية, صباح أمس, خبر بعنوان "المعاق الذي فاجأ الرئيس" فقرأت الخبر وكان في متن الخبر أن أحد ذوي الاحتياجات الخاصة لجأ للرئيس أثناء أحد الاحتفالات التي يرعاها طالبا ألمساعدة المادية ... وكيف ان مرافقي الرئيس حاولوا ابعاد هذا "المواطن الاردني" الا ان الرئيس أمرهم بأن يدعوه وشأنه وقام "مشكورا" بفتح محفظته واعطائه "المقسوم" !! وسط تصفيق حار من الحاضرين !!
اصابني الفضول لأعرف أراء المعلقين على هذا الخبر فقرأت ما تيسر من تعليقات القراء الكرام واستنتجت , وهذا رأيي الشخصي , ان شعبنا الاردني بالاضافة الى طيبته .. فهو شعب عاطفي ... وسريع النسيان !
فقد ألمني أننا ما زلنا ندعو المواطنين الاردنيين ذوي الاحتياجات الخاصة "بالمعاقين" !
علميا ... ولا أقول اخلاقيا وادبيا وحضاريا ... ذوي الاحتياجات الخاصة على مستوى العالم منهم المبدعون والمفكرون والعلماء والرياضيون والسياسيون لابل والحكام ايضا . فكلمة "معاق" كلمة ذات مدلولات سلبية وتأثيرات نفسية عكسية على ذوي الاحتياجات الخاصة .
على كل حال ,استغربت , وانا القاريء للخبر , لماذا كان معظم المعلقين يشجعون ويهللون لدولة رئيس الوزراء الافخم على فتح محفظته وإعطاء "المقسوم" ؟!
يا اخواتي واخواني الاعزاء لو كان هناك عدل وشفافية ومأسسة واضحة لتقديم العون والمساعدة والتدريب والوظيفة لما لجأ هذا المواطن الاردني "ذو الاحتياج الخاص" لدولته طالبا المساعدة .
أنا شخصيا أُقدّر خطوة الرئيس النبيلة وأنا أعرف عنه كرمه الشخصي ومنبته الطيب ولكن المسألة ليست مسألة كرم شخصي المسألة هي مسألة الاف مثل حالة هذا المواطن الذي تمكن من الوصول الى الرئيس.
الا تشاركونني الرأي بأن إعطاء "المقسوم" قد لا يسد رمق يومه لهذا المواطن ذي الاحتياجات الخاصة ؟! وماذا عن غيره من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين لا يستطيعون الوصول للرئيس ؟ لماذا نتعامل مع حل مشاكلنا بطريقة "الهبّة" و "النخوة" و "الفزعة" ونصفق لمثل هذه الحلول السريعة وقصيرة الامد والتصرفات التي يجب وصفها ب "رد الفعل" لإطفاء نار هناك وإرضاء فريق هُنا ...؟
ماذا عن المأسسة ؟ ماذا عن القوانين الحافظة للحقوق سواء كان البخيت موجود أم لم يكن ؟ ماذا عن الدستور وكفالته لكرامة المواطن وحفظه لحقوقه في العيش و"السكن" "الكريمين" وحرية الرأي والتعبير و .... الخ ... الخ؟
لماذا لا نحتكم للعقل ولماذا نربط مصائرنا بكرم "طائي" لشخص يأتي وشخص يذهب ... بينما هي حقوق لنا ...يدفعها دافع الضرائب كائن من كان؟ أين تذهب هذه الاموال الضريبية ؟
أقول لو استطاع هذا المواطن الاردني ذي الاحتياجات الخاصة الوصول لمجلس النواب وإسماع صوته لهم لما احتاج ان يلجأ لرئيس الوزراء ...
أزيد وأقول لو استطاع هذا المواطن ذي الاحتياجات الخاصة أن يلتقي نائبه وممثله "الشرعي" في مجلس الامة كائنا من كان هذا النائب لما لجأ المواطن "يستجدي" لقمة عيشه وهي حق له مفروض على مجلس النواب أن يُطالب به وعلى الرئيس ان يوفره للجميع ضمن قنوات دستورية وقوانين حافظة للحقوق وحقوق الاجيال لا على مبدأ إعطاء "المقسوم" !!
اه يا بلد وألف اه ... ! فبعض نواب "الحكومة" ولا اقول "الشعب" مشغولون بأخذ دورات "ردح" و "شتم" واعطاء "صكوك غفران" لمن يجب ان يكون صاحب ولاء ومن يجب ان لا يكون .
ونسوا او تناسوا أن هناك شعب كالمحيط الهادر عالي الامواج سوف يلفُظُ (...) التاريخ . أنا هنا اتحدث كمواطن اردني كفل لي الدستور حرية الرأي والتعبير وقالها جلالة الملك في اكثر من مناسبة بأن لدينا حرية سقفها السماء . فالمواطن الشريف صاحب الرأي والكلمة لا "يُحقّر" ولا "يُفسّد" ولا "يُنّذّل " غيره ... فنحن في عصر حُكم الشعوب لنفسها وارجاع الحقوق لاصحابها واعطاء كل ذي حق حقه.
كان الاجدى بنوابنا الافاضل نواب ال 111 من على "منبر الشعب" ان ينتصروا للشعب كما انتصروا لسمير من قبل !! كان الاجدر بهم ان لا يهددوا بإيقاف "انفجارات" و "احتقانات" الشعب المغلوب على امره المطالب بحقوقه المنقوصة واقلّها نواب حقيقيون يمثلون ارادته و منتخبون عن طريق الصوت الحر لا عن طريق "الظرف المختوم" وكأننا نتكلم عن احالة عطاء لا مجلس شعب ! اقول كان الاجدى "بالنواب" ان يوقفوا او يشجبوا الانفجارات النووية الصهيونية على حدودنا التي اودت الى استشهاد الطفل ثامر العجارمة واصابة طفل اخر ما زال على سرير الشفاء. بدل ان يوقفوا مطالب شعب صبور, قنوع, جبار, ذكي !!
كان المفروض ان يقتدوا بجلالة الملك حفظه الله الذي امتدح المظاهرات السلمية كأحد مظاهر المطالبة الحضارية بالحقوق فهذا هو الاسلوب الوحيد لإسماع الصوت عندما تُصم اذان "سامعين الصوت" !!
ثامر طفل اردني, والمواطن ذي الاحتياجات الخاصة الذي جاء لدولته مواطن اردني ومسيراتنا سلمية يلفُّها العلم الاردني .
وعودة على ذي بدء فنحن ملزومون بإعطاء كل ذوي الاحتياجات الخاصة حقهم اينما كانوا وأيّاً كانوا ! وتأمين احتياجاتهم بما يكفل حقوقهم ويحفظ ماء وجوههم.
وفي الحديث عن الحقوق والاحتياجات فإذا للشعب "احتياجات خاصة" كالحاجة الى حرية التعبير والحاجة الى منع الفساد والمحسوبية والحاجة الى انشاء نقابات تُعنى بحقوق افراده والحاجة الى تعديلات دستورية تُعيد الكرامة لابنائه... فهذه احتياجات الشعب الخاصة والواضحة والحقة والمشروعة وليكن لهم ما يريدون ويبقى السؤال الى بعض اولئك الذي يستغلون "منبر الشعب" للنيل من كرامة الشعب ... هل لكم من "احتياجات خاصة" ؟! فإذا كان فعلى الشعب ان يقوم بإعطائكم "المقسوم" .
dairi21@hotmail.com