حقائق حول الحركات القومية في الوطن العربي
ميس البرماوي
27-12-2023 11:24 PM
الحقيقة الأولى :
جاءت الحركات القومية كتعبير عن سلبيات وإيجابيات الواقع العربي بمراحله التاريخية قبل وبعد الحرب العالمية الثانية بكل تعقيدات هذا الواقع وتناقضاته الداخلية والخارجية سواء على صعيد السياسة أو الايديولوجية، كما عبرت عن طموحات الأمة العربية وتطلعاتها المستقبلية وتحقيق اهدافها في الوحدة والحرية والاشتراكية.
الحقيقة الثانية:
لازمت نمو وتطور الحركات القومية في مجملها سيطرة المثقفين سيطرة شبه كاملة على قياداتها وكوادرها وهؤلاء هم فئة الأساتذة والمعلمين والموظفين وأصحاب المهن الحرة.
الحقيقة الثالثة:
نتيجة لظروف النشأة والتكوين للحركات القومية وطغيان عنصر المثقفين والمقومات الأساسية لايديولوجية الحركات والصفات الذاتية لقادة الحركات القومية أدى ذلك الى عدم اعطاء أهمية كبرى أو بالأحرى الى إهمال الجانب التنظيمي لهذه الحركات، فلم يكن بمقدور هؤلاء القادة المؤسسون أن يرسوا دعائم تنظيمية صلبة وقوية حتى يمكن للحركات أن تتكيف مع الواقع السياسي الذي تعيش فيه وتسيطر على الأحداث التي كانت بعض الأقطار مسرحًا لها، لذلك بقيت هذه الحركات منفعلة بالأحداث أكثر منها فاعلة فيها ومتأثرة بها دون أن تؤثر بدورها في مجراها في معظم الأحيان.
الحقيقة الرابعة :
لازمت هذه الحركات منذ نشأتها أزمة مزمنة وهي أزمة ايديولوجية وسياسية وتنظيمية وتكمن أسبابها في ضعف القيادات وتناقضاتها وعجزها عن حسم المشاكل ووضع الأمور في نصابها .
الحقيقة الخامسة:
عاشت هذه الحركات في ظل صراع القيادات والانقسامات والانشقاقات للاسباب التالية:
طبيعة العلاقة بين أعضاء القيادات العليا.
العلاقة بين اليمين واليسار.
العلاقة بين القيادات الرئيسية والقيادات الدنيا.
الصراع الايديولوجي بين مجموعة من ذوي الجذور الاجتماعية المتوسطة أو الفقيرة من مدنيين وعسكريين من أجل عملية التغيير الجذري وبين القيادات التقليدية.
الحقيقة السادسة :
كان يحكم العلاقة بين هذه الحركات وعبد الناصر حساسية مفرطة أدت الى انفعالية العلاقات البعيدة عن الاعتبارات القومية وكان من المفروض ان يكون هذين التيارين مكملين لبعض في الحقيقة احدهما للآخر. تنظيمات واسعة الانتشار على مستوى الوطن العربي وزعيم جماهيري كان له افق تاريخي ورؤيا تجاوزت الاقليمية المحلية.
الحقيقة السابعة:
لم تكن علاقة هذه الحركات بالجيش ودور العسكريين في شؤون الحكم والسياسة واضحة وكان يشوبها كثير من الإبهام والغموض وكما حصل في صفوف حزب البعث، فلقد كان الحزب رسميًّا في قمة الحكم ولكنه عمليًّا ليس الحاكم الفعلي وفي كل مرة كان يحاول أن يكون الحاكم الفعلي ويضع حدًّا للازدواجية كانت تحصل الهزات السياسية والتنظيمية الداخلية فيعود مرة أخرى ويدخل في الحظيرة ويقنع بدوره المحدد، وهناك أمثلة كثيرة منها ما حصل في القطر السوري والعراقي وخاصة الحركة التي قام بها عبد السلام عارف وأدت الى وقوع الحزب فريسة أعمق انشقاق عرفه طوال تاريخه السياسي.
الحقيقة الثامنة:
انعكست هذه التناقضات والصراعات على الساحة الأردنية مما أدى الى غياب التنظيمات الحقيقية والاكتفاء او الإعتماد على الرمزية والتي كانت تابعة تبعية مطلقة لقيادات قومية ضعيفة هدفها إيجاد مجموعة من الاتباع لاهداف سياسية مقصودة.
لا يخفى على أحد ما هو المطلوب على الساحة الأردنية، ولكن لا زلنا الى يومنا هذا أبعد ما يكون عن الوصول لآلية تحقيق المطلوب ولن نتوصل الا اذا انسلخنا عن سلبيات الماضي وتوجهنا بالإيجابيات نحو هذه التجربة الجديدة لنبتعد عن رواسب الماضي وتوجهنا بالإيجابيات نحو هذه التجربة الجديدة وحتى لا نكون نقيضًا للأفكار المماثلة في الأقطار العربية المجاورة، بل نقيضًا لسلبياتها ورديفًا لإيجابياتها مع الأخذ بواقعنا الاقتصادي واختلاف الجماهير عن الخمسينات والستينات، واختلاف نوعية المطالب الجماهيرية اليوم، والمتغيرات العالمية وأثرها على المنطقة ككل.
ويبقى الأوائل هم الأصول بخيرها وشرها، فلا اعتقد أنهم أرادوا لنا ان نحمل السلبيات وان فهمنا الوضع وحقائق الحراكات القومية وتاريخها ربما نستطيع الانطلاق نحو واقع قومي على مستوى المسؤولية في الأردن للمشاركة في الفعاليات على الساحة الأردنية، فلكل منا صفات ذاتية جديدة ورؤى مختلفة واجتهاد خاص قد يلتقي أو يختلف مع الآخرين، لكننا حتمًا نجتمع في وطن. .