اليوم الدولي للتأهب للاوبئة
الدكتور مهند عبد الفتاح النسور
27-12-2023 04:31 PM
يأتي اليوم الدولي للتاهب للاوبئة في 27 من كانون أول / ديسمبر من كل عام كمناسبة مهمة لتسليط الضوء على أهمية اتخاذ الخطوات اللازمة لمواجهة الاوبئة والجوائح حال حدوثها والوقاية من حدوثها والتخفيف من اثارها، وهو يعد هدف استراتيجي لجميع دول العالم لمراجعة واختبار خططها في مجال التأهب لمواجهة الاوبئة و خاصة بعد جائحة كورونا و اثارها المتعددة الابعاد، إضافة الى كونه مناسبة للمجتمع الدولي لإجراء التحسينات والتحديث على اليات التنسيق و الدعم عند الحاجة في هذا المجال للبلدان المختلفة في مواجهه الاوبئة.
و يسلط اليوم الدولي للتاهب للاوبئة ايضا الضوء على اهم التحديات التي تحول دون الوصول الى درجة عالية أو مقبولة من التاهب العالمي، اذ لا زال هنالك مناطق هشة وضعيفه أكثر من غيرها التي تشكل تحديا مقلقا على صعيد التأهب للاوبئة، و لا نستطيع اغفال التحدي المادي فهنالك نقص واضح في التمويل العالمي لبؤر الأوبئة في البلدان وخصوصا دول العالم الثالث والذي يبقي خطر الاوبئة يلوح بالافق، كما لا زلنا نرى النقص في التدريب وتأهيل الكوادر الصحية وكوادر الصحة العامة الميدانية وهذا بحد ذاته موضوع في غاية الاهمية.
وتعتبر مؤشرات الاستعداد والجاهزية من خلال توفير البنى التحتية من أنظمة الرصد ونظم الانذار المبكر والاستثمار في الكوادر الصحية المدربة واستخدام المعلوماتية والتكنولوجيا الحديثة في التاهب للاوبئة اضافة الى البحوث الصحية في مجال الاستعداد و الجاهزية لمواجهة الاوبئة اهم عوامل تمكين الأنظمة الصحية في البلدان المختلفة وزيادة مرونتها لمواجهة الاوبئة، و حديثا اصبحت التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي تساهم بشكل أكبر في تعزيز وتقوية الأداء العالمي في مجال الاستعداد والجاهزية والتاهب لمواجهة الاوبئة، من خلال طرحها لافكار ابداعية في إدارة ونمذجة البيانات وسرعة تحليلها وايصالها لصانعي القرار، إضافة الى استخدام أنظمة إنذار ورصد مبكر ذكية، لتشمل الامراض المختلفة والاوبئة المتوقعة وبالتالي تضمن سرعة الاستجابة في وقتها وبكفاءة عالية، كما ان البرامج الذكية الحديثة تعطي مجالا واسعا لتتبع توجهات الأمراض وتوقعها في المستقبل.
وعلى مستوى المجتمعات فتعد التوعية وتعزيز الصحة من أهم مكونات خطط الاستجابة والتاهب للاوبئة، اذ ان وعي المواطن بكيفية حماية نفسه وعائلته يعد أساسا لحماية المجتمع باكمله، وان ادماج واشراك المجتمع في التخطيط للتأهب يقلل بالفعل من المعلومات المضللة والمغلوطة التي قد تطيل من أمد المعاناة وتصعب وتحد من اليات الاستجابة الفعالة، كما ان الاشراك المجتمعي يحسن و يزيد من الثقة بين المواطنين و الحكومات.
ويعد التعاون الدولي حجر الزاوية وامرا بالغ الاهمية في مجال التأهب، من خلال اعتماد اليات التنسيق الدولية و الانضباط في تطبيق اللوائح الصحية الدولية المحدثة (صك دولي لمنظمة الصحة العالمية بشأن الوقاية من الجوائح والتأهب والاستجابة لها) ، إضافة إلى اليات تقديم الدعم في وقته عند الحاجة و بتنسيق بين الدول و مع المنظمات الدولية ذات العلاقة.
ستبقى التحديات المستقبلية لاحتمالية ظهور اوبئة وجوائح تجتاح العالم او بعض مناطقه موجودة ، و لذلك على العالم أجمع ان يعي ان الأمراض و الأوبئة لا تعرف الحدود، وأنه من الممكن أن يكون الجميع ضحايا لهذه الاوبئة ، فمن الواجب النظر بشمولية لدعم البلدان المحتاجة في هذا المجال، كما انه من الضروري توسيع الإستثمار في العوامل البشرية و الصناعية و التكنولوجية أهم عوامل الاستعداد والجاهزية كونها امور في غاية الاهمية، فالوقاية خير من العلاج و اقل تكلفة.
* المدير التنفيذي، الشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية (أمفنت)