هم ينبحون .. ونحن نفعل ما نريد
محمود الدباس - ابو الليث
27-12-2023 03:56 PM
في احدى المناسبات الاجتماعية في دولة عربية.. وقبل سنوات.. اجتمعت مع رجل كبير في السن (شيبة).. ولطول الجلسة تجاذبتنا الاحاديث والحكايا.. فقال انه في احدى الدول واظنها في وسط افريقيا.. وكانت منطقتهم برمتها تعيش التخلف في معظم مناحي الحياة.. وكأنها في العصور القديمة..
فكان مجلس ادارة شؤونها.. ومن لف لفيفهم.. يفعلون ما يحلو لهم.. وكانوا هم من يحللون ويحرمون.. ويشرعون التشريعات والتعليمات على اهوائهم ولتلببة رغباتهم.. وخدمة لمصالحهم..
وكانت الواسطة والمحسوبية هي التي تسيّر الامور.. حتى اصبح كل من له سند او ظهير في مؤسسات الدولة يسرح ويمرح وكأنها مزرعة يمتلكونها..
قال ذلك الشيبة الكبير.. للاسف حين تصبح الامور الى حد ان الفساد الواضح وضوح الشمس.. وتصدر به قرارات لا تراعي مبادئ ولا مشاعر ولا أخلاق.. فهنا يكون الفاسدون وصلوا حد الوقاحة وعدم الاكتراث.. لانهم علموا يقينا ان ليس هناك من شريف قوي امين يحاسبهم..
واردف قائلا.. كان المثل القائل "دع الكلاب تنبح.. والقافلة تسير" يعبر عن اهل الخير والصلاح بانهم كالقافلة السائرة الى هدفها الشريف.. مع عدم اكتراثها للمثبطين والناعقين والسلبيين.. وشبهوهم بالكلاب..
للاسف في وقتنا الحاضر.. وفي بعض التصرفات من الفاسدين على اختلاف مستوياتهم.. يقومون بالفساد جهارا نهارا.. ويضعون له التشريعات الواضحة بانها مفصلة بالمقاس.. ويعلمون ان الضرير سيشتم رائحة فسادهم قبل ان يراه.. ومع ذلك تجد لسان حالهم يقول "دعهم بنبحون.. ونحن نفعل ما نريد"..
فقد وصلوا لدرجة الثقة بان لا سلطة عليهم.. لانهم يتحصنون بشكل جيد.. ويعلمون ان من يشير الى فسادهم ما هي الا فترة بسيطة ويتعب ويسكت.. وستبقى قراراتهم الفاسدة تلفها رائحة العفونة قائمة الى ان ياتي شريف قوي نزيه يلغي ما اقترفوا بايديهم الملطخة بحقوق العباد والبلاد.. ولا يقبل بان تعم هذه الرائحة العفنة كعفونة من اوجدها.. او يتوفاهم الله ونتخلص من رائحتهم.. ويلقون وجه الله الذي لا يترك صغيرة ولا كبيرة.. مع ان منهم من لا يؤمن اصلا بحساب ولا عقاب.. فتجده يستمرئ الفساد..
رددت على ذلك الرجل الشيبة.. كم افتخر واسعد كل ما اسمع في بلادي عن قرارات تمر وعليها شبهة فساد.. ويقوم الشرفاء من المسؤولين والجهات المختصة بالغائها ومحاسبة مقترفيها.. فما بالنا بالفساد الواضح وضوح الشمس؟!.. فهم عليه اشد واقوى..
فنحن -والحمد لله- نعيش في الاردن المتحضر.. وليس في العصور القديمة.. ولا نقبل ان تمر علينا قرارات من متنفذين لخدمة احد من اقربائهم او المحسوبين عليهم دونما حساب.. وكم من مسؤول رفيع تم الزج به في السجون عندما تبين استغلاله لموقعه بغير حق.. وكم من قرار تم التراجع عنه من قبل مجالس الوزراء الحائزة على ثقة سيد البلاد.. والقائمة على مصالح الاردن وليس مصالح شخصية وتنفيعات وترضيات..
حمى الله الأردن ملكا وشعبا وارضا..