وحدة الاستخبارات الخاصة بالاكونومست الإنجليزية، التي تصدر تقارير ربعية عن مختلف البلدان، تستحق التقدير لأنها قامت بحساب ونشر رقم قياسي لإمكانيات قيام انتفاضات شعبية وثورات في البلدان العربية كما كانت تبدو لها في عام 2010.
لكن الوحدة الاستخبارية حصلت على علامة متدنية في توقعاتها التي جانب أكثرها الصواب، كما اتضح في الأسابيع الأولى من عام 2011، فأكثر التوقعات فشلت في التنبؤ بما حدث، وربما بما يمكن أن يحدث.
يعتمد الرقم القياسي لاحتمالات الثورة في مختلف البلدان العربية كما حسبته الاكونوميست على عدة مؤشرات أعطيت لها أوزان معينة، فقد أعطت 35% من الأهمية لنسبة عدد السكان تحت سن 25، وأعطت 15% لعدد السنوات التي أمضتها الحكومات الحالية في السلطة، 15% للفساد، 15% للاستبداد، 10% لحصة الفرد من الدخل القومي، 5% للرقم القياسي لقسوة الرقابة على الصحف، 5% للعدد المطلق للشباب دون 25 سنة.
نتيجة هذه المعادلة العشوائية، وضعت الوحدة الدولة اليمنية كمرشحة أولى للثورة برقم 88%، ليبيا في المقام الثاني بنسبة 65%، مصر في المقام الثالث، وسورية في المقام الرابع، ثم يأتي العراق ، سلطنة عمان، موريتانيا، السعودية، الجزائر، الأردن، تونس، المغرب، البحرين، لبنان، الإمارات العربية المتحدة، الكويت وأخيرا قطر.
لعل أكبر سقطة وقعت فيها الوحدة الاستخبارية هي إظهار تونس كنظام مستقر، وكذلك البحرين، وإظهار لبنان كنظام أكثر استقراراً من النظام السوري.
هذا التمرين الذي قامت به الوحدة الاستخبارية التابعة للاكونومست يستحق التأمل، فقد نجحت الوحدة في تسليط الضوء على العالم العربي باعتباره منطقة مرشحة للقلاقل والانتفاضات والثورات، ولكنها فشلت في تحديد النقاط الساخنة المرشحة للانفجار قبل غيرها، ولو أنها أعادت المحاولة الآن فربما جاءت التصنيفات مختلفة تماماً.
التنبؤ بالمستقبل عملية محفوفة بالمخاطر، وهو يخطئ أكثر مما يصيب، وتلعب الصدفة وقانون الاحتمالات دوراً في تحقق بعض التنبؤات، ذلك أن المتغيرات عديدة جداً، ودائمة الحركة، ويصعب حصرها وإخضاعها لنموذج محدد.
(الرأي)