يمر عيد الميلاد المجيد هذا العام بحزنٍ كبير على أرضٍ و كأنها أوجدت للحزن ، أو كتبت عليها جنازة دائمة قائمة في الأرض والعروق، غزّة لم تعد قضية مسلم أو مسيحي ولا يجب أصلا أن تكون، هي قضية انسان مظلوم حُكم عليه بالاعدام قصفا حتى الردم فقط لتواجده في هذه الرقعة الجغرافية ، أطفال بعمر الورد لم تشاهد في شريط حياتها القصير إلا النار والرماد والدم.
هذا الميلاد يمرّ مرور الكرام المحزونين ، المتعطشين لسلام في أفق الحرب ، لهدوء في أفق الظلام ، و للأمل الذي يراه البعض يتناقص يوما بعد يوم...
في فلسطين و الأردن و العديد من بلدان العالم ، لن تشرق شمس الميلاد كما جرت العادة ، فشجر الميلاد لبست الحداد على أرواح كثيرة زهقت...بمعزل عن منابتها ، فلا مسجد في غزة بقى صامدا و لا كنيسة لم تقصف...
في كنائس غزة حكايات كثيرة ستروى عن مسلمين و مسيحيون افترشوا أرض الكنيسة معا ينظرون إلى المصلوب الذي ولد من جديد محزونا حزينا ، يشاهد البشر من حوله خائفين متعبين...بعضهم كتبت لهم الشهادة و بعضهم على لائحة الانتظار...تجمعهم الوطنية و روح الدفاع و الاستمرار...
في الاردن الحال لا يختلف كثيرا ، فمسيحيو الارض و ملحها آثروا الانسلاخ عن الفرح و الاتحاد مع ابناء الارض و الهم و الدم ، ابناء الشرق على اختلافهم الذي باتت فسيفساؤهم تلفظ دم الشهادة.
فالامنية التي يتمناها الطفل عشية الميلاد في هدية صغيرة يفرح بها صباح العيد عند الشجرة ستكون السلام ، هي ذاتها أمنية الطفل و الشاب و الكهل ، و امنية كل انسان يمتلك ضميرا سويا ، لديه الانسانية تنبض و الروح النقية لم تمت...لذلك نتمنى و كلنا أمل أن تعود غزة إلى سابقتها و تتحرر من هذا الدمار وآلة القتل التي تجتاحها يوما بعد يوم...سلام تنعم به و يفيض على المحيط ، الذي لا يمكن أبدا أن ينفصل عنها و تنفصل عنه...فعنوان هذه الفترة الحداد في الميلاد، على أمل أن تنقشع هذه الغيمة السوداء.
و بسبب تزامن هذا العيد مع حرب غزة الطاحنة ، جاء انزال جوي جديد من الجيش الاردني لكنيسة القديس بيرفيريوس في غزة و التي تحتضن مئات العائلات المسيحية و المسلمة التي تقطعت بهم السبل و رأوا في الكنيسة ملجأ من شدة القصف ، ليكون عنوان الانزال "معايدة لهم" عشية عيد الميلاد ،،، في مبادرة لتلبية احتياجاتهم بايعاز من جلالة الملك و العائلة الهاشمية ككل و التي احتضنت المجتمع المسيحي في الاردن خاصة و المحيط بكل حب.