هذه الأيام أعود متأخراً من عمان..ومن باب التكفير عن غيابي الطويل عن الأولاد، اعتدت ان أحضر لهم بعض البسكويت، الشوكلاته الشيبس..الخ..اصطف امام سوبر ماركت قريب وانتقي لهم تشكيلة متوازنة بالعدد والنوع كي لا يتقاتلون على العطايا..
وما أن أفتح الباب، حتى يهجم أوسطهم وحوَل «المصلحة» بادٍ عليه، يقبل يدي اليمنى بنفاق واضح ويحضن الكيس بمحبة عارمة ..»الأكبر» يكتفي بعبارة»يعطيك العافية يابا» وقبلة خفيفة وأحياناً بدون، ثم يذهب ليتقاسم الكيس مع اخيه ..أمّا الصغيرة 7 شهور ..فتبتسم وحسب.
لا تفوت دقيقة حتى يقترب الأوسط و»يمطقني»، أثناء تبديل الملابس، قبل العشاء، بعد العشاء، أثناء الكتابة ..أجده يغافلني و»يمعطني بوسة» عند الله علمها..يدور حولي دورتين..ثم يرمي طلباً: بدك تشتريلي بدلة سوبر مان؟؟..فأهز رأسي وأستأنف الكتابة، يجرّ كرسياً و»يمطقني»أخرى..جيبلي كمان»ساعة بن تن»!!..فأهزّ رأسي مدارياً..يمطرني بأخرى على الكتف..ورابعة على «الخشم» وخامسة على الفقرة الخامسة وسادسة على الترقوة، وبعد كل «بوسة» هناك طلب ما، او استلطاف مبالغ فيه، أو تغطية على جنحة ارتكبها ...يبقى على هذا الحال حتى تنفد حصته من الكيس ..عندها يتركني وحيداً ويذهب الى فراشه..
بالمقابل ..يفاجئني أخوه الكبير وأنا نائم بقبلة أصحو على دفء شفاهة دون ان اطلبها منه ودون أن يفاوض على ثمنها..وفي حالات اكتئابي وحزني وغضبي أجده ينظر طويلاً طويلاً في عيني وكأنه يبحث عن مرفأ لحالتي..بينما يكون الآخر ملهياً بقناة»كراميش».
***
الوطن يريد منّا فقط، قبلة صادقة أو وقفة صادقة أو تصحيح خلل دون ان يطلبها منّا أو نفاوض على ثمنها فهي تعني له الكثيرة المسيرات والبيانات المحتلّة صفحات الصحف اليومية ..كفيلة ان تدرس ألف طالب وتوظف ألف عاطل عن العمل..وتعالج الف مريض..وتصلح الف مدرسة..وترضى الوطن.
ahmedalzoubi@hotmail.com
(الرأي)