أطفال غزة يذبحون .. على مقصلة القانون الدولي الإنساني!
د. أشرف الراعي
26-12-2023 10:15 AM
طالت الحرب. ولا أمل في أن تضع أوزارها قريباً. وكل ما يقال عن تسويات سياسية محض أوهام؛ ولا أفق قريباً للحل السياسي السلمي الذي يضمن للغزيين حياتهم، ولا يضمن للفلسطينيين عموماً القدرة على مواصلة مشوارهم من دون دفع أثمان باهظة كالذي يجري.
أما ما يجري في غزة فهو ليس إلا جريمة حرب وتطهير عرقي تتجرد من كل معاني الإنسانية، جعلتها تذبح على مقصلة القانون الدولي الإنساني، القانون الغائب والمنتهي الصلاحية، في ظل بث مناظر مؤذية للروح الإنسانية، ولربما أكثر المظاهر تلويعاً للنفس اعتقال صبية غزيين بشكل فج ونزع ملابسهم عنهم وتجريدهم من طفولتهم وتصويرهم.
هذا مشهد من مشاهد دمار كثير إلى جانب مشاهد القتل والتدمير والتهجير والخوف الذي يلف القطاع المحاصر منذ أكثر من 16 عاماً؛ فيما تنهار قواعد القانون الدولي الإنساني التي تثبت يوماً بعد يوم أنها ليست سوى "كلام نظري بحث" لا يمت للواقع بأية صلة، وأن الحديث الأممي عن القوانين التي تحكم العالم ما هو إلا محض خيال، وما يجري في القطاع سوى مجموعة مركبة من الجرائم والمجازر الوحشية ضد الأطفال والنساء، والشيوخ، مما فاقم من مآسي الحرب وويلاتها مع أكثر من 20 ألف شهيد نصفهم أو أكثر من الأطفال.
أما عن الوضع القانوني الناظم للأطفال في اتفاقيات جنيف؛ فتقر اتفاقيات جنيف لسنة 1949 وبروتوكولاها الإضافيان لسنة 1977 بأنه "يجب أن يكون الأطفال موضع احترام خاص، وأن تكفل لهم الحماية ضدَّ أية صورة من صور خدش الحياء.. ويجب أن تهيئ لهم أطراف النزاع العناية والعون اللذين يحتاجون إليهما"، فضلاً عن حمايتهم من الأعمال العدائية، والمحافظة على وحدة الأسرة، والتأكد من موافاتهم بالعناية الضرورية والإغاثة أو الحماية والطعام والدراسة والمساعدة والحماية، وهو ما يشاهد العالم انتهاكه بصورة واضحة ومباشرة على شاشات التلفزة وفي مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية من دون أن يحرك ساكناً.
وفي هذا لا بد من الإشارة إلى مجموعة من المواد القانونية التي تنتهك بشكل واضح ومن دن أي رادع لهذه الوحشية والإجرام الذي لم يشهد له العالم مثيلاً؛ حيث "تنص المادة 14 من اتفاقية جنيف على أنه حالما تنشب النزاعات فعلى الأطراف المشتركة بها أن تقوم بتأسيس وبناء المستشفيات والمناطق والمواقع الآمنة لحماية الجرحى والمرضى وكبار السن، والأطفال دون الخامسة عشرة من العمر والنساء الحوامل وأمهات الأطفال دون السابعة من العمر".
على العالم أن يتحرك لمواجهة هذه المأساة الإنسانية وإلا فإننا سنكون أمام جيل جديد لا يقيم وزناً لهذه الحياة التي رأى فيها كل أنواع العذابات وكل المآسي الإنسانية، وسنكون أمام مستقبل مخيف يعصف بالعالم ككل وليس بالمنطقة وحدها.. المنطقة التي يذبح أطفالها ويشنقون ويعلقون وينكل بهم على مقصلة القانون الدولي الإنساني الذي طالما تغنى مناصروه بالحرية والعدالة وحقوق الإنسان!.