قانون الهجرة في فرنسا يثير عاصفة من الجدل
أ. د. ناهد عميش
24-12-2023 08:05 AM
بعد أشهر من النقاش التشريعي؛ تم إقرار قانون الهجرة المقدم من الحكومة الفرنسية في البرلمان الفرنسي.
وعند تقديم مشروع القانون، كان هناك رفض من الأغلبية في البرلمان له، وعلى إثر ذلك تم تشديد النص، إلى حد كبير، لضمان الحصول على أصوات الأغلبية.
أما النص؛ فقد قلّص الإعانات الاجتماعية، وحدّد حصص الهجرة، وأعاد النظر في قانون الحصول على الجنسية تلقائياً بمجرد الولادة في فرنسا، وأعيد العمل بـ"تجريم الإقامة غير الشرعية"، وتسهيل ترحيل الأجانب المحكومين بالجنح والجرائم وقضايا العنف المنزلي أو العنف ضد رجال الدولة.
هذه النقاط لاقت ترحيباً من اليمين المتطرف الذي يركز في برامجه الانتخابية على تشديد شروط الهجرة منذ أن كان أمينه العام Jean Marine Le Pen .
وقد عارض اليسار هذا القانون، واعتبر التصويت عليه بـ"الاستسلام لأكثر الأفكار فسادا"، وندد زعيم اليسار المتشدد جان لوك ميلانشون بـ"نصر مقزز".
هذا القانون جاء بعد ارتفاع نسبة المهاجرين في فرنسا بمقدار 40% خلال 20 عاماً؛ حيث كانت تمثل 7.2% من حجم السكان في فرنسا في العام 2000، وأصبحت تساوي 10.3% في العام 2020.
وكان الرئيس ماكرون تعهد لناخبيه بإقرار قانون جديد للهجرة، خلال حملته الانتخابية العام 2022.
ويِعدّ ملف الهجرة الملف الرئيس الذي يخلق خلافات عميقة في الطبقات السياسية الأوروبية.
كما أن النجاحات التي حققتها الأحزاب اليمينية المتطرفة، مثل تلك الموجودة في إيطاليا والدول الإسكندنافية، ومؤخرًا في هولندا، كانت، إلى حد كبير، بسبب قضايا الهجرة واللجوء.
وتتمثّل أهم تحديات ماكرون الحالية في خسارته للأغلبية المطلقة في تشريعيات 2022، ما يجعله غير قادر على تمرير أي قانون إلا بالائتلاف مع أحزاب أخرى، وبخاصة اليمين الوسط، وهذا يجعله يقدم تنازلات،
وهذا ما رأيناه في طريقة تمرير هذا القانون.
إلا أن الصيغة النهائية التي وصل اليها هذا القانون جعلت الرئيس ماكرون يرسله الى المجلس الدستوري لدراسة مدى توافقه مع الدستور الفرنسي والمبادىء التي بنيت عليها الجمهورية الفرنسية .
ومن الممكن أن تقوم المحكمة الدستورية بإلغاء كل البنود التي تُميّز بين المقيمين في فرنسا، إذ ينص الدستور الفرنسي على أن كل من يسكن فرنسا له حقوق الفرنسي نفسها. لذا سيخرج القانون بصيغة أكثر اعتدالاً وتوافقاً مع المبادئ الفرنسية، وبخاصة مبدأ الأخاء.
وتشكّل قضية الهجرة واحدة من أهم القضايا لمعظم الشعب الفرنسي، وكانت تُمثّل ورقة رابحة مهمة لليمين المتطرف، ولكن مع خروج هذا القانون؛ يكون ماكرون قد سحب البساط من تحت أقدام هذا اليمين.