facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الملكة رانيا و نداء العاطفة


فيصل سلايطة
22-12-2023 06:23 PM

أكثر ما يميزنا كبشر عن باقي المخلوقات ، هي قدرتنا على التعبير عن العاطفة بطرق مختلفة ، ففي الكلام و اللمس و البكاء و العيون و الشفاه و العديد العديد ، تميَّزْنا في الخلق عن البقية ، لكن ليس اليوم ، ففي حرب غزة اختار العالم أن يتجرّد من الحِس الانساني المميز و يعود إلى الغابة ، حيث قد تقتل الفريسة أو تؤكل حيّة لترى أوصالها تتقطع أمامها ...

العالم نفسهُ الذي فُطِر مرّات و مرّات أمام أبسط الامور أو توافهها ، يقف الآن صامتا و كأنّ حِسّه الانساني قد اصابه الشلل.

تقول الملكة رانيا في مقالها الاخير " البعض سيستخف بهذا النداء باعتباره مدفوع بالعاطفة"
نعم يا جلالة الملكة ، فالعالم الذي قدّس لسنوات العاطفة باعتبارها محركا ساميًا للنفس البشرية بات اليوم يراها استسلاما و رضوخا ، فالموازين كلها تبدّلت ، فكيف لهم بكل فظاظة القول " نحن ضد وقف اطلاق النار" تماما كمن يقول لمجرم يحمل سكينا و يضعها على ناصية رقبة طفل باكي شاكي " هيّا أجهز عليه" !

وقف اطلاق النار اليوم مقرون بكل ما هو مرادف للأمل و السلام و المحبة و العدل ، العديد مِنْ مَنْ قضوا لم يكونوا قطعة من لعبة الشطرنج الدموية هذه ، أطفال أسيقت للذبح في حلبة ليست لها ، بل فرضت عليها...

و السؤال الأهم ، هل بعد أنقضاء حرب غزة ، سنعود للعاطفة الغربية المزيفة؟ هل ستعود هوليود و غيرها تبكينا؟ هل التجييش العاطفي في السينما و السياسة و الواقع سيمر على افئدتنا كما في السابق؟ أم سيحاولوا خلق مفهوم جديد للعاطفة ، بحلّة جديدة يكونون بها الجلّاد و الضحية ؟

و بالعودة للنداء أو الصرخة العاطفية التي أطلقتها أم حسين ، تقول كما يملي عليها الضمير الأمومي " الطفل طفل " و هذا النداء و العنوان مهم جدا ، فحياة الطفل اليهودي و المسلم و المسيحي و أي طفل كائنا من كان هي مهمة و يجب أن تكون محمية و مصانة، فالطفل الذي يقتل في أي صراع هو تذكرة باهظة الثمن ، فكثيرا من الاصوات اليهودية اليوم هي ضد ما تفعله اسرائيل قولا و فعلا ، فماذا لو اغتيلت هذه الاصوات في مهدها الطفولي ، ألم نكن لنخسر اليوم ؟ لذلك لا يحمل الاطفال وِزر آبائهم مطلقا ، و هذا ما يحاول البعض في الغرب رسمهُ عنّا نحن العرب و عن الدفاع السامي عن الارض بأنّنا قتلة للأطفال ، كيف لا فهم لا يعلمون بأنّنا أكثر الشعوب عاطفة و غالبا ما تحركنا العاطفة الجياشة، لذلك فنحن نعي جيدا حُرمة الطفل و الطفولة.

و في الاراضي المقدسة مهد المسيح و أرضه الأم ، تقول الملكة أن العيد تبدّلت الوانه و لبست السواد ، فالكرة الحمراء التي كنا نعلقها على اشجار العيد باتت اليوم تقطر دما ، و الطفل في المغارة يبكي نحيبا على اقرانه ، أما الأم الصابرة الجبّارة تتحد مع وليدها في سمفونية حزينة عنوانها الغضب.

في فلسطين و الاردن و غيرها من الدول هذا العام ، يتقدم العيد حاملا الحِداد فوق كتفيه، فغالبية المجتمعات المسيحية اعلنت ايقاف نشاطاتها ، فهي الاخرى باتت مستهدفة ، كنائس و دور رعاية و مراكز مسيحية أُبيدت عن بكرة أبيها في غزة، في تذكير لكل جاهل أن المسيحي و المسلم في خندق واحد أما غطرسة المحتل و عنفه ، و العديد العديد من الاصوات اليهودية باتت افواهمم مكمّمة فقط لقول الحق ضد غطرسة حكومتهم ، لذلك صورة العيد هذه العام منقوصة ، فلو حضر المسيح بعظمته اليوم لأحرق الشجر ، كل الشجر لتدفئة أطفال يتملّكهم البرد .

خطاب الملكة رانيا البسيط المعقّد ، هو اللغة التي لعقود رسمها الغرب حوله ، فهو الذي يحرّك جيوشا لأجل طفل أو قطة تسلقت عامود انارة ، بات يرى بالعاطفة عملة صفرية لا قيمة لها ، لذلك لن يعود إلى رشده ما دامت عاطفته مختلة ، فالسياسة بلا انسانية هي اجرام بلا ضمير.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :