البحر وراءكم والعدو أمامكم
كمال زكارنة
22-12-2023 12:39 AM
البحر وراءكم والعدو امامكم والجحيم فوقكم، والحصار يخنقكم، والتجويع والمرض يميتكم، والصمت يراقبكم يستعجل نهايتكم، والخذلان يلاحقكم، والصمود ديدنكم ، والارادة والايمان عقيدتكم ،والشجاعة والبسالة ميزتكم ،والصبر والنصر جائزتكم.
هذا هو حال اهل غزة اليوم ، خمسة وسبعون يوما من الابادة الجماعية ،والعالم يراهن على النهاية وينتظرها، وهم يراهنون على النصر او الفوز بالحسنى الثانية.
حرب لم يشهد لها التاريخ مثيلا ،وصمود غير مسبوق في عصور خلت، وصمت عالمي يحدث لأول مرة في تاريخ البشرية .
لماذا كل هذا التوافق والاتفاق والاصرار على ازالة غزة عن كوكبنا ،لأنها ضربت وهزمت من لا يجوز ضربه وهزيمته ،فهو محصن ومحمي من كل شيء، لانه فوق كل القوانين، وخارح اطار عمل وصلاحيات ومهام وواجبات المنظمات والمعاهدات والاتفاقيات الدولية الحقوقية والانسانية والقضائية، فهي غير مسموح لها ان تطاله او تسأله او تعاقبه وتلاحقه او تعاتبه، وهو ايضا خارج المحتوى الاخلاقي، هو حر طليق لا يخضع لأي نوع من القوانين ،يفعل ما يشاء ،الابن المدلل لامريكا واوروبا ،انه الكيان الغاصب لفلسطين.
هذا الغضب والجحيم الذي ينهال على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بمشاركة اسرائيل وامريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا وغيرها ،فهي حرب عالمية مكتملة الاركان، له سبب واحد فقط لا غير، ان الكيان الغاصب والدول الحاضنة له وصلوا الى قناعة تامة بأن يوم السابع من اكتوبر الماضي شكل البداية الحقيقية لنهاية الكيان وجوديا، وان بقاء قطاع غزة حيا على الارض يعني ملك الموت بالنسبة للكيان، حتى لو ضعفت المقاومة او اجتثت، فانها ستنبت مرة اخرى اقوى من السابق، لهذا هم يسابقون الزمن من اجل القضاء على قطاع غزة بالكامل وليس القضاء على المقاومة فحسب، كما انهم يرون في الدولة الفلسطينية عامل موت رئيسي بالنسبة للكيان ،لا يقل خطورة عن بقاء قطاع غزة على قيد الحياة.
الاحتلال وامريكا يبذلون جهودا جبارة ويمارسون ضغوطا هائلة على الوسطاء العرب والمقاومة، من اجل اتمام عملية التبادل من خلال هدنة وليس وقفا شاملا للحرب، وان كلفهم ذلك اطلاق سراح معتقلين فلسطينيين مثل مروان البرغوثي واحمد سعادات وعبدالله البرغوثي، وغيرهم من قادة الفصائل في السجون الاسرائيلية ،ومن ثم العودة الى استئناف الحرب وشطب قطاع غزة من خارطة فلسطين.
المقاومة ما تزال تتمسك بموقفها بعدم التعاطي مع اية افكار اومبادرات او طروحات حول تبادل الاسرى، لا تبدأ بوقف شامل للحرب وانسحاب الجيش الاسرائيلي خارج قطاع غزة، وهذا المطلوب والرأي الصائب ،لكن للحرب ظروفها التي تدركها وتعرفها المقاومة ،وهي صاحبة القول الفصل لانها في الميدان، ولا يمكن ان تتخذ قرارا يجانبه الصواب.
العالم المتفرج على مذبحة وابادة الشعب الفلسطيني في غزة، ما تزال مواقفه تترنح ورخوة، وغير مؤثرة على الادارة الامريكية وعلى الاحتلال، رغم التغير في اللهجة والخطاب العالمي تجاه الحرب، وارتفاع الاصوات الشعبية المطالبة بوقفها.
الشهود في هذا العالم على مذابح ومجازر الاحتلال في غزة، لا يريدون ان يدلوا بشهاداتهم رغم ان ما يشاهدونه من اجرام ودمار في غزة عبر وسائل الاعلام، لا يساوي عشرة بالمئة من الواقع والحقيقة..