لأول مرة في السنوات العشرة الاخيرة يحجب عدد كبير من النواب الثقة عن الحكومة ولا تلقى تلك الحادثة اي مردود شعبي, وهذا فعلا ما حدث مع نواب ال¯ "111" وتصويتهم على حكومة البخيت التي حصلت على 63 صوتا من اصل 119 نائبا حضروا الجلسة.
لعل هناك اسباب عدة دفعت النواب الى حجب الثقة بهذا الكم, منها ما هو منطقي ومنها غير ذلك, كما ان عدم الارتياح الشعبي من حجب الثقة له ايضا ما يبرره.
بالنسبة للنواب الذين حجبوا الثقة فبعضهم حجبها لانه غير مقتنع ببرنامج عمل الحكومة, وعددهم لا يتجاوز اصابع اليدين, وهذا حقهم.
هناك نواب حجبوا الثقة لادراكهم ان حكومة البخيت بدأت تحيل فعليا عددا من القضايا الرئيسية الى هيئة مكافحة الفساد, والكثير يعلم ان هناك نوابا ارتبطت اسماؤهم بتلك القضايا, فارادوا تهديد الحكومة بحجب الثقة عنها.
البعض الآخر أراد ان يثأر لنفسه بعد ان منح الثقة للحكومة السابقة وبعد ايام انتفض الشارع بوجهها وهو ما دفع الملك لاقالتها بعد 40 يوما من ثقة نواب ال¯ "111", فاراد ان يكشر عن أنيابه بوجه الحكومة وأخذ يضرب أخماسا بأسداس.
آخرون انزعجوا من عدم استقبال الرئيس المكلف لهم قبل جلسة الثقة وعدم الاستماع لمطالبهم الخدمية لمناطقهم .
البعض الآخر حجب الثقة عن الحكومة بعد ان رأى امامه مشهد حكومة البخيت الاولى, حيث تزوير الانتخابات النيابية والبلدية وفضيحة الكازينو, وكلها قضايا لا تعفي البخيت من مسؤوليته عن تلك الفترة رغم ان الجميع يعلم ان هناك قوى ومؤسسات رسمية تغولت على الحكومة وفعلت فعلتها, لكن الاجدى بالنواب الذين حجبوا الثقة لهذا الغرض ان يمارسوا سلطاتهم بعد ان نجحوا بالتزوير في انتخابات 2007 وتم وضع اكثر من عشرة آلاف صوت في صناديقهم, فلماذا لم يحتجوا حينها, واين كانوا وقت فضيحة الكازينو لماذا لم يحيلوها الى هيئة الفساد, ولماذا منحوا الثقة حينها لتلك الحكومة التي زَوّرت الانتخابات وللحكومة التي اعقبتها?.
الغريب ان هؤلاء النواب الذين صَدّقوا انفسهم بأن فازوا بالانتخابات وحصلوا على عشرة الالف صوت في انتخابات ,2007 اصابتهم الصدمة ولم نعد نسمع لهم خبرا بعد فضيحة الانتخابات الاخيرة التي لم يحصلوا فيها سوى على ألفي صوت بشق الانفس وتَدخُّل بعض القوى الرسمية حينها, فهاهم يخرجون اليوم واصواتهم ترتفع بالشفافية والنزاهة ومحاربة الفساد, وهم في الواقع ينطبق عليهم "كلمة حق يراد بها باطل".
بالنسبة للشارع, هم على قناعة ان المجلس النيابي الحالي لا يختلف عن المجلس المُنْحَل او عن الحكومة المُقالة, لذلك فالامر سيان للمواطنين بالنسبة لسلوك النواب, فسواء حجبوا ام منحوا, فالامر قد قُضِي بالنسبة لمصداقية النواب عند المواطنين بعد ان هلع معظمهم الى تقبيل أيدي الحكومة السابقة التي ارادت ان ترفع الاسعار وتلغي الدعم مقابل مكاسب شخصية لهؤلاء النواب.
الحكومة لا ترى ما يستدعي الاهتمام من موقف النواب الحاجبي الثقة, وحقيقة انها كانت مشكلة ستصيب وزارة البخيت لو ان هؤلاء النواب منحوها الثقة لانها كانت حينها ستفقد ثقة الشارع الذي بدأ يشعر بارتياح لسلوكيات الوزارة ومواقفها من الفساد والاصلاح .
في الواقع الحاجة ملحة الآن للبدء بخطوات فعلية لمسيرة الاصلاح, ولن يكون بالامكان تحقيق هذا المراد في ظل وجود مجلس نواب يقاوم حركة الشعوب وينتقدها ويتباها بالبلطجة على المواطنين.
حل مجلس النواب هو اولى خطوات الاصلاح, والواقع انه لو كان هناك قانون انتخابات عصري لما رأينا في اي من المجالس النيابية تلك الوجوه التي لا يعرف الكثير منها سوى مصلحته الشخصية.0
salamah.darawi@gmail.com
(العرب اليوم)